Translate

الأحد، 22 مارس 2015

البتراء المدينة الوردية



البتراء المدينة الوردية


البتراء وكذلك تسمى سلع، مدينة تاريخية تقع في الأردن جنوب البلاد 225 كم جنوب العاصمة عمّان إلى الغرب من الطريق الرئيسي الذي يصل بين العاصمة عمّان ومدينة العقبة. تعتبر البتراء من أهم المواقع الأثرية في الأردن وفي العالم لعدم وجود مثيل لها في العالم. فازت مؤخرا بالمركز الثاني في المسابقة العالمية لعجائب الدنيا السبع.

هي عبارة عن مدينة كاملة منحوته في الصخر الوردي اللون (ومن هنا جاء اسم بترا وتعني باللغه اليونانية الصخر)(يقابلة باللغة النبطية رقيمو) والبتراء تعرف أيضا باسم المدينة الوردية نسبة إلى لون الصخور التي شكلت بناءها، وهي مدينة أشبة ماتكون بالقلعة. بناها الأنباط في العام 400 قبل الميلاد وجعلوا منها عاصمة لهم وعلى مقربة من المدينة يوجد جبل هارون الذي يعتقد أنه يضم قبر النبي هارون والينابيع السبعة التي ضرب موسى بعصاه الصخر فتفجرت. اختيرت البتراء بتاريخ 7/7/2007 كواحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة.


المظاهر الجيولوجية 

من أهم المظاهر الجيولوجية في مناطق البتراء؛ التكشفات الصخرية والتي تري معظم الفترات والعصور والأعمار على السلم الجيولوجي، لتأثر المنطقة بعمليات تكتونية ناجمة عن حركة انفتاح وتوسع صدع البحر الميت، حيث تتكشف صخور القاعدة الجرانيتية في وادي نملة شمال غرب منطقة بيضاء البترا، والتي تعود إلى فترات ما قبل الكامبري بعمر 650 مليون سنة.


الصخور الوردية المكونة للبتراء.

تمتاز منطقة البتراء بتكشفات الصخور الرسوبية والرمال التي تتكون من فتات معادن الفلدسبار وغيرها والتي تعود لعصري الكامبري والأوردوفيشي، حيث ترسبت في بيئات نهرية أدت إلى نقلها وترسيبها انذاك، ومن ثم وللأعلى تتكشف مباشرة صخور العصر الكريتاسي وبوجود عدم توافق ترسيبي يفسر بعمليات؛ زوال صخور عصور معروفة كالسيلوري والجوراسي وانقطاع في الترسيب في تلك العصور. توجد أيضا تراكيب جيولوجية مثالية كالصدوع والطيات، والمقاطع الجيولوجية المثالية التي تتجمل بألوان زاهية، إضافة الينابيع والكهوف الطبيعية، والأحافير الممثلة لكافة العصور الجيولوجية. من أهم التراكيب الجيولوجية في البترا هي؛ صدع وادي موسى، حيث تأثرت المنطقة بصدع رأسي اتجاهه شمال- جنوب؛ وهو أحد الصدوع الرئيسية في جنوب الأردن. وتعمل سلطة إقليم البترا على التمهيد من أجل إطلاق مشروع السياحية الجيولوجية من خلال التعاون مع سلطة المصادر الطبيعية الأردنية، وتعد هذه التجربة الأولى من نوعها في المملكة.

تاريخ البتراء

يعود الفضل في بناء البتراء إلى الأنباط، إلا أنه قبل الأنباط كان يعيش في هذه المنطقة شعب يدعى الآدوميين الذين كانوا في حالة عداء دائم مع الدول المجاورة لهم. وقد استوطن الأدميون التلال المحيطة بالبتراء من 1200 – 539 ق. م ولم يدخلوا البتراء بل فضّلوا الأقامة على التلال المحيطة بها، ولم يكن لديهم المام أو اهتمام بالنحت او البناء في الصخر، بل كانت براعتهم محصورة في صناعة الفخاريات التي يبدو أنهم نقلوها إلى العرب الأنباط الذين استقروا في هذه المنطقة بعد هجرتهم من الجزيرة العربية في نهاية القرن السادس قبل الميلاد.لقد احتل الآدوميون جزءاً هاماً من المنطقة التي كانت عند تقاطع عدة طرق تجارية مهمة واستفادوا بشكل كبير من القوافل التجارية التي كانت تمر عبر طرقهم. ويُعتقد بأن الآدوميين هُزموا من قبل اليهود بقيادة الملك سليمان الذين بسطوا سيطرتهم على هذه المنطقة لمدة مائتي عام. بعد ذلك قام البابليون بغزو فلسطين، وأخذوا اليهود وأخذوهم أسرى. وبدأ الآدوميون الذين طُردوا من هذه المنطقة بالتحرك لإعادة احتلال الأراضي التي كانت فيما مضى خاضعة لسيطرتهم. ومع ذلك فقد تم اجتياح هذه المنطقة مرة أخرى لكن هذه المرة من قبل الأنباط وهم قبيلة بدوية ينحدرون من أصول عربية. تعايش الأنباط مع الأدوميين في حياة أكثر استقرارًا.

العرب الأنباط

كانت البتراء عاصمة لدولة الأنباط وأهم مدن مملكتهم العربية التي دامت ما بين 400 ق.م وحتى 106 م، وقد امتدت حدودها من ساحل عسقلان في فلسطين غربًا وحتى صحراء بلاد الشام شرقًا، ومن الشمال دمشق وحتى البحر الأحمر جنوبًا. في عام 300 قبل الميلاد، كان الأنباط قد حققوا السيطرة التامة على المنطقة، وبنوا لأنفسهم مستعمرة حضرية، حيث قاموا بنحت أحيائهم السكنية ومبانيهم وقبورهم في الصخور بجانب الجبال. وفي أوج ازدهارهم في القرن الأول قبل الميلاد كان يعيش في مدينة البتراء مايقارب 30,000 نسمة، كان يحكمهم ملك منذ العام 168 قبل الميلاد وأنشأوا دولة تمثل ديمقراطية، حيث كان الملك عرضة للمحاسبة عن كل أفعاله.
شكل موقع البتراء المتوسط بين حضارات بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام والجزيرة العربية ومصر أهمية أقتصادية، فقد أمسكت دولة الأنباط بزمام التجارة بين حضارات هذه المناطق وسكانها وكانت القوافل التجارية تصل إليها محملة بالتوابل والبهارات من جنوب الجزيرة العربية والحرير من غزة ودمشق والحناء من عسقلان والزجاجيات من صور وصيدا واللؤلؤ من الخليج العربي.


صورة للبتراء الوردية مع الإبل


كانت البتراء تقع على طريق الملوك، حيث تحكمت بمرور القوافل التجارية بين حضارات الشرق القديم.
كان الأنباط في البتراء يتكلمون لغة تشبه الآرامية. وقد أصبحت البتراء عاصمة ثقافية موازية ومساوية للمدن الفينيقية واليونانية، حيث يُعتقد أن الخط العربي الأبجدي قد نشأ وتطور في هذه المنطقة، على يد الأنباط العرب. كما كُتب به الحرف العبري في مرحلة ما. وقد انتشر الحرف النبطي بعد أن تبناه الإسلام، وكُتبت به لغات أمم أخرى في بلاد عدة لا يقل مجموعها عن خمسة عشر.لقد أنتج الأنباط أواني فخارية جميلة، ومباني عظيمة تأثر معظمها فيما بعد بالأسلوب الروماني. في بداية القرن الأول الميلادي، أصبحت مدينة البتراء مركز التجارة مجدداً بسبب الحروب الدائمة بين مصر وسورية. وخلال وقت قصير، أصبح الأنباط أثرياء وأقوياء بما في الكفاية ليبسطوا سيطرتهم على المنطقة. ولكونهم زادوا ثراءً تحسن أسلوب حياتهم، وهو ما انعكس بدوره على الديكورات الفخمة الموجودة على قبور الأنباط الجدد.
استطاع العرب الأنباط في البدايات، مقاومة محاولات السيطرة عليهم وإخضاعهم، وأبقوا منطقة دائرة الأردن التاريخية خالية نسبيا من النفوذ الأجنبي. ومن بين أهم مواجهاتهم العسكرية، وقوفهم في وجه النفوذ السلوقي (اليوناني) في عام 312 ق.م. إذ استطاعوا رد الجيش اليوناني مهزومًا بعد أن قتلوا معظم أفراده في الحملة الأولى، وردوا الحملة اليونانية الثانية بعد أن حاصر الإغريق مدينتهم لمدة طويلة. كذلك انتصر الأنباط في أول معركة بحرية يخوضها جيش عربي، وذلك في مياه البحر الميت، وهي المعركة التي أنهت أحلام اليونان وأطماعهم بالاستيلاء على شرق الأردن. كما واجه العرب الأنباط اليهود في مواجهات واسعة سجلوا في معظمها الانتصار رغم الحماية الرومانية التي كانوا يتمتعون فيها.


الرومان والبيزنطيون

قام الجنرال الروماني بومباي بغزو المملكة النبطية في حوالي عام 60 قبل الميلاد، إلا أنه سمح بقدر من الحكم الذاتي فيها. ولقد كانت نهاية دولة الأنباط على يد الرومان عندما حاصروها ومنعوا عنها مصادر المياه سنة 106، حتى ضموها لإمبراطوريتهم، وأطقوا عليها اسم مقاطعة "Arabia Petraea"، وعاصمتها البتراء.

وكان الأنباط قد حققوا أرباحًا كبيرة من التجارة الرومانية والهندية والعربية التي كانت تتم على أراضيهم. إلا أن استيلاء الرومان على البتراء جعلهم يسيطرون على هذه الطرق. وقد بدأ الرومان ببناء وتشييد أبنيتهم الخاصة في البتراء وأقاموا في المدينة مدرجاً، كما قاموا بتشييد معبد قصر البنت، وهو البناء الوحيد الذي ما زال قائماً في قلب المدينة حيث كان يقع السوق الكبير. وفي هذا المكان كانت القوافل تقايض القوافل الأخرى القادمة من الغرب بالتوابل والعاج والعنبر والقماش. استمرت البتراء مركزًا تجاريًا مهمًا لمدة قرنين آخرين من الزمن. وبعد ذلك تضاءلت أهميتها مع استمرار بعض المدن في الشمال مثل تدمر بجذب التجارة إليها. وبالتدريج غادر التجار وغادرت معهم جيوش الرومان التي كانت مهمتها حماية الطرق التجارية. وبعد تحول الإمبراطورية الرومانية إلى الديانة المسيحية، حظيت البتراء بمطرانية، وتحولت بعض أبنيتها إلى كنائس. لكن المدينة التي حكمها البيزنطيون، فقدت مجدها السابق ولم يتبق منها إلا الأطلال. ويبدو أن المسيحية قد دخلت البتراء قبل وخلال الفترة المبكرة من العصر البيزنطي، رغم انتشار الوثنية جنبًا إلى جنب معها، حيث كانت الكنائس والمعابد الوثنية موجودة حتى القرن الخامس.


العصور الوسطى

أصبح من تبقى من سكان البتراء يعتاشون على الزراعة قبل وصول الفتح الإسلامي للشام، وتحديدًا في سنة 636، لكن الزلزال الذي ضربها سنة 746 و 748 وزلازل أخرى قامت بإفراغها من أهلها. وقد ورد ذكر منطقة البتراء وجوارها في المصادر التاريخية المعاصرة للحروب الصليبية. وتشير هذه المصادر إلى أن وادي موسى كانت منطقة خصبة، وبها مياه وفيرة، كما تشير الوثائق التي تعود لهذه الفترة إلى وجود كنيسة في منطقة جبل هارون. وقد قام الصليبيون بحملة عسكرية على البتراء ووادي موسى تألفت من الفرسان والمشاة في نهاية عام 1100 وبقيادة ملك الفرنجة بلدوين الأول. وقد شيدوا فيها قلعتين بعد ذلك. كما بنى المماليك مقاما للنبي هارون في البتراء على جبل يرتفع 1353 متر عن سطح البحر، في سياق اهتمامهم بالمقامات والقبور. ولكن المدينة دخلت في سبات طويل في الفترة العثمانية، وحتى إعادة إكتشافها في عام 1812.

إعادة اكتشاف الغرب للبتراء

مع بدء رحلات المستشرقين للعالم العربي في القرن التاسع عشر تم أكتشاف البتراء عام 1812 م علي يدي المستشرق السويسري يوهان لودفيج بركهارت الذي تعلم اللغة العربية ودرس الإسلام في سوريا وجاء إلى البتراء مدعياَ بانة مسلم من الهند بعد أن تنكر بزي إسلامي وهدفة تقديم اضحية إلى النبي هارون وبذلك سمح لة السكان المحليون بالدخول إلى المدينة الوردية، وقد احتوى كتابه المطبوع عام 1828 والمعروف باسم رحلات في سوريا والديار المقدسة على صور للبتراء. ومن أهم الرسومات التي اشتهرت بها البتراء كانت هي الليثوغرافيا التي رسمها ديفيد روبرتس للبتراء ومنطقة وادي موسى أثناء زيارته عام 1839 والتي تجاوز عددها عشرين لوحة ليثوغرافية وقد طبع العديد منها مما أعطى البتراء شهره عالمية. ويوجد للبتراء العديد من اللوحات والصور الأخرى التي تعود للقرن التاسع عشر مما يدل على مدى الاهتمام الذي أضفاه إعادة اكتشافها على أوروبا في ذلك الوقت. من الأعمال المشهورة للبتراء لوحة فنية بالألوان المائية لمناظر البتراء للفنان شرانز حوالي 1840 وأول خارطة مخطوطة للبتراء باللغة الإنجليزية من رسم الرحالة لابودي حوالي عام 1830 وصور للبتراء تصوير فريت عام 1830 [ويبلغ عرض الخزنة 28 مترا وارتفاعها 39.5 مترا, كما يوجد العديد من التماثيل الهيكلية (بقايا جثث الأنباط) وقد أصبحت من عجائب الدنيا السبع.

رسم ديفيد روبرتس للبتراء، 1839. حيث كانت منسية طيلة الفترة العثمانية


كما تأسس في البتراء عام 2009، سلطة ذات إستقلال مالي وإداري، هي سلطة إقليم البترا التنموي السياحي. والتي تهدف إلى تنمية الإقليم وتطويره سياحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، والمساهمة في تنمية المجتمع المحلي.

العمارة

تأثرت العمارة النبطية بشكل عام، وعمارة البتراء بشكل خاص، بفن العمارة المصرية والآشورية والإغريقية. ويظهر هذا جلّيًا في كثير من مباني العمارة الجنائزية المتمثلة بالمقابر الملكية المنحوتة، والمقابر المبنية بالحجر المقطوع. لقد اهتم الأنباط إهتمامًا كبيرًا بمقابرهم، مما إنعكس في عمارتها التي حُشد فيها الكثير من الفنون المعمارية والفنية ومما يوحي باهتمام الأنباط "بالحياة الآخرة" بالنسبة للأموات. والبنسبة للمقابر الملكية المنحوتة، فتُعتبر من أكثر ما أشتهر به الأنباط. وقد أُجريت عليها العديد من الدراسات المتخصصة أظهرت أن المهندس النبطي جمع بين التأثيرات الخارجية من الحضارات المجاورة مع الذوق النبطي. ويمكن مشاهدة الكثير من هذه القبور في أماكن مختلفة من البتراء وما حولها وخصوصًا في الطريق قبل الوصول إلى السيق. من قبور البتراء الشهيرة: قبر "المسلات" وقبر "الجرة" و "القبر ذو النوافذ".


البتراء الوردية


تتسم عمارة الأنباط باستخدم العديد من المواد حسب توفرها في البيئة، فبالإضافة إلى نحت الصخور الرملية والكلسية وجعلها مساكن ومنشآت وقبور وتماثيل وغيرها، فقد تم استخدام كل أنواع الحجارة في البناء النبطي حيثما فرضت البيئة ذلك، ففي الصحراء مثلا، جرى استخدام الحجارة البازلتية السوداء لمختلف أغراض البناء. وفي معظم الأبنية الكبيرة كالمعابد استخدمت فنون معمارية كثيرة منها الأقواس الكبيرة والصغيرة التي تعتمد على تراص الحجارة لا على المونة أو الدعم الأرضي بالأعمدة، وفي بعض الحالات جرى سقف بعض الأبنية أو الحجرات بصفوف متلاصقة من هذه الحجارة قبل أن تجري تغطيتها بالملاط الطيني من فوقها لدرء أمطار الشتاء ولعزل حرارة الصيف أيضًا.وبالنسبة للمواد الأخرى المساعدة، فقد استخدمت الأخشاب في التسقيف وصناعة الأبواب والشبابيك، ويبدو ذلك في منطقة وادي موسى والبتراء بسبب توفر الأشجار في المنطقة. وعرف الأنباط استخداما آخر للأخشاب في البناء من شأنه تعزيز صمود الجدران أمام الهزات الأرضية، حيث عثر على بقايا تلك الأخشاب في بعض الأبنية منها بناء "قصر البنت" في البتراء.
من جهة أخرى، يُعتبر النظام الهندسي للماء الإنجاز الأهم للحضارة النبطية بالمدينة، والذي جعل الحياة ممكنة في هذه المنطقة الجافة من الصحراء الأردنية. وقد تضمن ذلك النظام أنظمة لحفظ المياه واشتمل على السدود التي كانت تجمع مياه الأمطار في أشهر الشتاء. كما استخدم الأنباط نظاماً محكماً من القنوات والأنابيب الفخارية لتوزيع المياه في كافة أنحاء المدينة.


التخطيط الحضري

لقد بُنيت مباني البتراء وفق مخطط المدينة العام، حيث الشارع الرئيس الذي تأثر بمخطط المدينة الرومانية، إذ أن الشارع يكاد يقسم المدينة إلى نصفين، وهو يحاذي الوادي مما اضطر المهندس النبطي لبناء بعض القنوات تحت أرض الشارع. وكذلك العبارات والأقواس الحجرية التي ترتفع عن سيل الوادي في فصل الشتاء. وما يزال بالإمكان ملاحظة بعض آثار هذه المرافق في الشارع الرئيسي بعد الانتهاء من ساحة الخزنة.
يُعد الشارع المُعمد من أهم شوارع مدينة البتراء، حيث قام الأنباط بتشييده، ثم أعاد الرومان بنائه في عام 106 بعد إحتلالهم للبتراء. يبلغ عرضه 6 أمتار، وقد كانت تقوم على جانبيه مباني من طابق واحد إلى طابقين، كما يوجد على يسار الشارع المعمد باتجاه الجنوب مجموعة من السلالم تقود لساحة مكشوفة تسمى بـ "السوق"، حيث كانت تتم كافة أنواع النشاطات والمعاملات التجارية. وعلى ما يبدو أن هذه المنطقة كانت القلب النابض للمدينة ومركز النشاطات التجارية المختلفة منذ القرن الثالث ق.م. وقد استمر استعمال الشارع خلال الفترة البيزنطية في القرنين الرابع والخامس وحتى السادس.

يوجد في المدينة أيضًا أحد الطرق المشهورة، وهو شارع الواجهات. ويقع بالقرب من منطقة الخزنة، حيث يبدأ السيق بالاتساع تدريجيًا حيث يصل الزوار إلى منطقة مفتوحة وعلى الجانبين يوجد عددًا من واجهات المدافن النبطية المزينة بالمسننات والكورنيشات والأدراج المقلوبة. ولقد دُمر بعض هذه الواجهات بفعل العوامل الطبيعية، وربما تعود هذه الواجهات إلى موظفين كبار في الدولة أو بعض الأمراء.


المواقع الأثرية داخل البتراء
هنالك عدة أماكن مثيرة في البتراء منها :


السيق


هو الطريق الرئيس المؤدي لمدينة البتراء. وهو عبارة عن شق صخري يتلوى بطول حوالي 1200 متر وبعرض يتراوح من 3 - 12 متر، ويصل ارتفاعه إلى حوالي 80 متر. يُعتبر الجزء الأكبر منه طبيعي، بالإضافة إلى جزء أخر نحته الأنباط. ينتهي السيق في الجهة المقابلة للخزنة.
يُمكن مشاهدة بقايا لقوس يمثل بوابة المدينة في بداية السيق، الذي يوجد على جانبيه قنوات لجر المياه ممتدة من عيون وادي موسى في الخارج إلى المدينة في الداخل. كما يمكن مشاهدة السدود الجانبية، التي أقيمت في مكان السدود النبطية الأصلية، لمنع تدفق المياه إلى السيق، وحجزها والاستفادة منها. لقد كانت أرضية السيق مبلطة ببلاطات حجرية جزء منها يمكن مشاهدته في مكانه الأصلي. وقد زُينت جوانب السيق بالمنحوتات النبطية ومعظمها منحوتات تمثل آلهة. وتوجد تماثيل الآلهة ومحاريبها قريبة جداً من هذه القنوات بل وملاصقة لها أحيانا، لاعتقاد الأنباط وإيمانهم الشديد بان المياه مقدسة.

سيق البتراء


يمكن أيضا مشاهدة مجموعة من المنحوتات على الجانب الأيسر من السيق تُعرف باسم "أصنام سابينوس"، وقد سُميت هذه المجموعة بهذا الإسم لوجود نقش باليونانية تحت الحنية الثانية على يسار الزائر وهو متجه لآخر السيق. يشيرالنقش إلى أن سابينوس ابن الإسكندر المقدوني، والذي جاء من درعا، أمر بنحت هذه الحنيات أو المحاريب تمجيداً للآلهة النبطية. ومن المنحوتات المهمة أيضا بقايا منحوتات لجمال ورجل تمثل قافلة تجارية، حيث اشتهر الأنباط بالتجارة، وكانت أحد أسباب ثرائهم الواسع.

الخزنة

يبلغ ارتفاع هذه الواجهة حوالي 39.1 متراً وويبلغ عرضها حوالي 25.30 متراً، ويبلغ طول الأعمدة في الطابق الأول حوالي 12.65 متراً، وفي الطابق الثاني حوالي 9 أمتار ،أما الجرة التي فوق الكشك فيبلغ ارتفاعها 3.50 متراً. تتألف واجهة الخزنة من قسمين: قسم علوي وقسم سفلي، مع المثلث المكسور والمبنى الدائري، يتكون الجزء السفلي من ست أعمدة، حيث ان العامودين في الوسط منفصلين عن الجدار، وتيجان الأعمدة من النوع الأول "النباتي"، وهناك بعض الاختلاف بين الأشكال النباتية على التيجان، وتعلو الأعمدة إفريزه مزخرفه بأزواج من الوحوش المجنحة بينها مزهريات، وذيولها عبارة عن جذوع ملتفة ومتشابكة، وعلى جانبي الإفريز وجه يبرز من أوراقٍ نباتية. يعلو الشكل المثلث (Pediment) قرص شمسي بين قرون وسنابل قمح، وهي ترمز إلى الآلهة ايزيس (Isis) المصرية.

كما نجد في وسط الإفريز وجه يخرج من أوراق الأكانثوس، وقد تم تشويهه، وأعلى جانبي المثلث يقف حيوان مجنح، وتبين هذه الأشكال تأثير الحضارة المصرية من حيث المضمون، كما نجد عند المساحات الجانبية بين الأعمدة قاعدة يعلوها منحوته، وهي عبارة عن شكل آدمي يقف أمام فرس، وكان نحت أشكال الخيول والجمال في الفنون النبطية الجنائزية واضح، وهو من أجل مساعدتها لنقل الميت في رحلته إلى ما بعد الحياة. أما لجزء العلوي من الخزنة فهو مكون من ستة أعمدة أمامية وثمانية أعمدة خلفية، وهي ملتصقة بالجدران وتيجانها من النوع الثاني "النباتي"، وفي منتصف الواجهة نجد المبنى الدائري ذا السقف المائل على شكل خيمة، يعلوها تاج عامود وجرّة، أما الإفريزة العليا، فهي مزخرفة بأوراق نباتية مختلفة، وأشكال الرمان، والعنب، والصنوبر، بينها وجوه آدمية، وتعلو الإفريزة على الجوانب شكل المثلث المكسور (Broken -Pediment).

بالإضافة إلى جميع هذه الزخارف نجد بين الأعمدة الأمامية والخلفية، منحوتات لتماثيل على قواعد، وقد تم تشويهها في فترة لاحقة، وفي منتصف المبنى الدائري (Tholos) يقف تمثال الآلهة (Isis) مع سنابل القمح التي ترمز لها، وهي آلهة الموت المصرية، وعلى جانبها بين الأعمدة نجد تماثيل النصر، كما نجد أعلى المثلثات منحوتات لأشكال طائر النسر. ونجد التناظر في الواجهة إلى حد كبير، من حيث الزخارف المعمارية والهندسية، مع ان المنحوتات على الجوانب ليست مطابقة لبعضها البعض، إلا إنها متناسقة مع بعضها أو مع الواجهة، بحيث جاءت مناسبة للتشكيلة. وقد وصف دالمان (Dalman) واجهة الخزنة بأنها مكونة من واجهتي معبد، الأمامية والخلفية وضعت فوق بعضها، فإن الطابق السفلي يبين مدخل المعبد، والعلوي يدل على حرم مقدس (Sanctuary).

وقد أضاف ان هذه التشكيلة تم تقليدها في مبنى الدير والقبر الكورنثي فقط، وهي ضد التقاليد ولكنها مناسبة للمكان. ظهرت عدة نظريات بالنسبة لأصل الخزنة، وقد حاول عدد كبير من الباحثين إيجاد مبانٍ شبيهة لها، قد تكون مصدر الإلهام لتصميم الخزنة. فقد وجد العديد ان أصلها يعود لمباني الإسكندرية، كمعبد كليو بترا والمكتبة، بينما أشار بابنستشر (Papenstecher) إلى وجود المبنى الدائري (Tholos)، في العديد من البيوت الخاصة والقصور، حيث كانت تحيط بها الأروقة المعمدة، وقد وجد ستاركي (Starcky) ان واجهة الخزنة، تعكس الفن المعماري في مدينة الإسكندرية المصرية خلال العصر الهلنستي، وعلى أي حال، فإننا نجد ان هذه الواجهة تمزج التأثيرات الشرقية، والممثلة في الآلهة والحيوانات الخرافية المصرية، والنسر السوري، وشكل الجره الشرقية، مع الأساليب الهلنستية، بالإضافة إلى الطابع النبطي في أشكال وزخارف التيجان، والإفريز، وبعض خصائص التماثيل بين العناصر المعمارية الكلاسيكية.

يشبه القسم الأسفل من الخزنة، معبداً من الطراز الكورنثي بستة أعمدة فوق قاعدة قليلة الارتفاع، والأعمدة تنتهي بتيجان من الطراز الكورنثي إلا أنها لا تشابه التيجان التي نعرفها في جرش، وبعلبك، والتي ترجع إلى القرن الثاني بعد الميلاد، فهنا لا نجد إلا صفين من ورق الأكانثوس، وبدل الصف الثالث نحت الفنان زخارف نباتية هي غاية في الدقة، يخرج منها كوز صنوبر، ليحتل منتصف المسطح أو الاباكوس. وفوق الأعمدة يمتد حنت من الطراز الأيوني، وقد كسر بين العمودين الأخيرين من كل جانب، أما الإفريز الذي يعلو النحت فهو أيضاً من الطراز الأيوني، ويتألف من زخارف نباتية، وحيوانات أسطورية بين أوان تشبه الأواني الفخارية التي تكثر في المقابر والمسماة أواني الدموع (Lecmrimaria). 

أما المثلث فيكلل الأعمدة الأربعة الوسطى، وليس مجموع الأعمدة، كما هي الحال في المعابد الرومانية، وفي داخله تكثر الزخارف النباتية محيطة برأس امرأة قد شوهت ملامحه، ويمكن تشبيهه بآلهة خربة التنور، الموجودة حالياً في متحف عمان، وفي أعلى المثلث ركيزة (Acrckrium) تحمل قرص الشمس يحيط بها قرنان وسنابل القمح، وهي شعار الآلهة ايزيس المصرية، والآلهة هاتور التي تقابل الالهه عشتروت عند الساميين، ويرتكز المثلث على قاعدة الدور الثاني المزينة بإفريز من الزهور، وبتماثيل أبي الهول عند طرفيها. يختلف الدور الثاني عن الدور الأول، من حيث الزخرفة والهندسة المعمارية، ففي الوسط كشك مستدير يسمى باليونانية (Tholos) تحيط به الأعمدة الكورنثية، ويعلوه سقف يشبه القمع، ينتهي بتاج كورنثي وجرة، يوضع فيها عادة رماد الميت، ولكنها هنا رمزية إذ أنها غير مجوفة، وقد تهشمت لان البدو كانوا يطلقون عليها النار، ضانين إنها تحوى خزنة فرعون، وقد ظل هذا الاسم متداولا حتى اليوم، وعلى جانبي الكشك بناءان مزينان بالأعمدة، فوقهما مثلث مكسور، وفوق زواياه بقايا نسور مهشمه، وهذه الأبنية تشكل رواقا يدور حول الكشك، وقد أفلح المهندس النبطي في تحاشي الرتابة، وجعل أماكن بارزة وأخرى مجوفة، وكسر المثلثات على الطرفين العلويين، كما كسر الحنت في الطابق الأسفل، وجعل تناسقاً بين التماثيل البارزة في كلا الطابقين.

التماثيل: في الطابق الأول بين العمودين الآخرين، تماثيل الالهه المعروفة عند اليونان بالديوسكوري، أو (كاستور وبولكس عند الرومان) (Castor and polux) وهما أبناء الآله زيوس، وكانا يقودان الأموات إلى العالم الآخر، ولذا يمسك كل واحد منهما بزمام جواده، ويتجه الأول نحو الغرب، والثاني نحو الشرق، دلالة على إنهما يتبعان الشمس في شروقها وغروبها. ويناسب الديوسكوري في الدور العلوي الأمازون، وهن نساء محاربات كما تقول الأساطير اليونانية، وقد رفعت كل واحدة بلطتها فوق رأسها، وراحت ترقص رقصة الحرب، بينما تتطاير أثوابهن في الهواء. أما في واجهة الكشك، فيبرز تمثال تايكي آلهة الحظ، وقد حملت بيدها اليسرى قرن الرخاء، وباليمنى رمزاً للخصب، ومثل هذه التماثيل كثيرة في الفن اليوناني، ويحيط بهذا التمثال ألهات النصر المجنحة وعددها ستة. 


داخل الخزنة: يتكون داخل الخزنة من ثلاثة حجرات، اثنتان على الجانب وأخرى في الوسط، والحجرات الجانبية خالية إلا من خزانة حفرت في الحجرة الغربية، أما الحجرة الوسطى ويصعد إليها بدرج، فيبلغ ضلعها 12.50متراً، وعلى ثلاثة من جوانبها خزائن توضع فيها النواويس للدفن، وقد كانت هذه الحجرة موصدة بباب برونزي أو خشبي كما يستدل على ذلك من الآثار الباقية في أطراف البوابة العلوية والسفلية


الدير.

من المباني المهمة في البتراء. يعود تاريخه إلى النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد. ويتكون البناء من طابقين. ويُعتقد أنه احتوى على تماثيل متحركة التيجان. وهو أكبر حجماً من الخزنة، حيث يصل عرضه إلى 50 متر أما ارتفاعه فيصل إلى 50 متر.


الدير


يُعتقد أن واجهة الدير قد حُولت إلى دير للرهبان أثناء الفترة البيزنطية في بلاد الشام، وذلك لوجود أثار للصلبان المحفورة بالصخر في الغرفة الوحيدة الموجودة في الطابق السفلي من الواجهة. كما يُعتقد بأنه تم تبليط الساحة الواقعة أمام الواجهة.


المدرج أو المسرح

من أكبر مباني البتراء، بُني في القرن الأول للميلاد على شكل نصف دائرة بقطر 95 متر وبارتفاع 23 متر. وهو منحوت في الصخر باستثناء الجزء الأمامي منه فهو مبني. ويستوعب المسرح من 7 - 10 الآف مشاهد، كما تتكون مقاعد المشاهدين من 45 صفًا من المقاعد المقسمه أفقيًا إلى ثلاثة أقسام، الأسفل 11 صف والوسط 34 والعلوي 10، وهي مقسمة أيضًا من خلال الأدراج الخمسة إلى ستة أجزاء. يوجد فوق المدرجات قطع صخري مقطوع من بعض المدافن السابقة لبناء المسرح.


المدرج النبطي في البتراء


تم قطع ساحة الاوركسترا بالصخر، كما أن الممران الجانبيان للساحة مقطوعان أبضا في الصخر ومسقفان بالحجارة على شكل عقد. أما الجدار الخلفي للمسرح فيتكون بالأصل من 3 طوابق ومزين بالكوات والأعمدة وواجهته مغطاة بالألواح الرخامية.


قصر البنت

يُطلق عليه أيضًا "قصر بنت فرعون"، هو معبد نبطي من القرن الأول قبل الميلاد. تكمن أهمية هذا القصر بأنه أحد مباني البتراء القليلة التي صمدت رغم الزلازل، وذلك بسبب طريقه بناءه باستخدام مداميك وضع فيها خشب العرعر، مما جعل جدرانه أكثر طواعية للحركة أثناء الزلازل. إن الحنية التي تقع على يمين الساحة الامامية لقصر البنت كانت قد صممت أصلا لتخليد الإمبراطور الروماني وعائلته عندما احتل الرومان البتراء، حيث أن هذا التقليد معروف عند الرومان.

وقد كان هذا المعبد مخصصًا لواحدة من الآلهة الرئيسية، ويجادل البعض أن هذه الآلهة هي اللات فيما يعتقد آخرون أنها العزى، ورأى آخرون أنه للإله الأعلى ذو الشرى. وكان من المثير للنقاش علاقة هذا المعبد بالإلهة إيزيس المعبودة المصرية، وكان ذلك من الظواهر المستغربة

المحكمة

هو مبنى متكون من مجموعة من الواجهات المهمة، وأولها "قبر الجرة". يعود تاريخه إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي. ويقع على الجهة المقابلة للمدرج النبطي. يبلغ عرض الواجهة حوالي 16 متر ، وبارتفاع 26 متر. وتتكون من طابقين من الجدران التي تدعم أقواسًا تحت مستوى صالة المدفن، وهي مدمجة مع حجرات دفن جزء منها منحوت والآخر مبني. ويوجد درج يصعد إلى ساحة المدفن في الأعلى. ويتكون المدفن من صالة مربعة الشكل بطول حوالي 19 متر. وكانت القبور في الجزء الخلفي للمدفن، ولكنه حُول إلى كنيسة في القرن الخامس الميلادي. وتوجد كتابة يونانية تذكر أن تحويل المكان إلى كنيسة عام 447 مكتوبة على الجزء الخلفي الأيسر من الجدار.


المحكمة



المعبد الكبير

وهو أضخم المباني في مدينة البتراء. يقع هذا المعبد على الجهة الجنوبية من الشارع المُعمد. يتكون البناء من مدخل رئيسي يرتبط مع الشارع، ثم ساحة مقدسة سفلى وعلى جانبيها يوجد بنائين متطابقين على شكل نصف دائري وعلى جانبيهما توجد أدراج عريضة تؤدي إلى الساحة العليا المقدسة، وفوقها يقع المعبد أو قدس الأقداس.


المعبد الكبير


المذبح

اُستخدم هذا المبنى في فترة الصليبيين ليكون صلة وصل وربط ما بين قلعتي الوعيرة والحبيس. أما المذبح نفسه، فأصوله آدومية. وبعد الاحتفالات التي كانت تتم في المدرج كانت المواكب الدينية تصعد إلى المذبح من المنطقة المجاورة للمدرج مرورًا بوادي المحافر حتى تصل للمذبح حيث تقدم القرابين التي كانت حيوانية والمذبح يتكون من ساحة مركزية محاطة بمقاعد من ثلاث جهات. إن أول ما يمكن رؤيته في هذه المنطقة هو مسلتان مقطوعتان في الصخر ويعتقد بأنهما يرمزان لأهم آلهة الأنباط ذو الشرى ورفيقته الدائمة العزى. كما يُشاهد في منطقة الدرج الصاعد للمذبح بقايا جدران وبرج يُعتقد بأن أساساته آدومية أعيد استخدامه في الفترة النبطية. ويوجد في الجهة الغربية مذبحين أحدهما مستطيل الشكل ربما استخدم لعملية الطواف، والآخر دائري الشكل يُعتقد أنه كان يستخدم لوضع دماء القرابين أو النبيذ كما يحتوي هذا المعلم على بركة أو خزان ماء صغير ويمكن مشاهدة الجزء السفلي للمدينة من هذا الموقع.



يوجد المدينة الكثير من المعالم الأخرى ذات الوظائف المختلفة، منها ضريح الجندي الروماني وقاعة الاحتفالات الجنائزية. ويعتقد بوجود ساحة مركزية بين هذين المعلمين. أما القاعة الجنائزية فقد تميزت عن غيرها بوجود دعامات منحوتة وملتصقة بالجدران وحنى مستطيلة طولية الشكل خلف المقاعد مباشرةً، أما ضريح الجندي الروماني فربما اُعيد استخدامه بعد 106 م وذلك لوجود ثلاثة تماثيل ذات رداء عسكري روماني موضوعة في حنايا هذه الواجهة.
كما تحوي البتراء عددًا من المعابد الصغيرة في البتراء مثل معبد الأسود المجنحة، ومعبد البستان. بالنسبة لمعبد الأسود المجنحة، فيقع على الجهة المقابلة لمبنى قصر البنت، ويتكون بناء المعبد من شرفة أمامية تتقدمها الأعمدة بطول 9,5 متر. ويتم الدخول منها عبر بوابة عريضة إلى قاعة المعبد الرئيسية وهي مربعة الشكل وتحيط بها الأعمدة. وكانت تاجيات بعض أعمدة المعبد تحمل أسودًا مجنحةً ومن هنا جاءت تسمية المعبد. وقد بُلطت أرضية القاعة الرئيسة برخام أبيض مموج بالبني بينما بلطت المنصة بالرخام الأبيض والأسود وزخرفت جدران المعبد الداخلية بالرخام و القصاره الملونة والجض وعثر على قطع جصية بأشكال رؤوس آدمية و أقنعه مسرحية و أشكال أزهار كانت مثبته على الجدران. وقد دُمر المعبد والمنشآت المحيطة به بزلزال عام 363 م. أما بالنسبة لمعبد البستان، فيتميز بوجود جدار ضخم بجواره يقوم عليه الجزء الجنوبي للشرفة العلوية وبقايا غرف يبدو أن إحداها كانت معقودة يتخلل جدرانها إحدى عشر حنية.
ومن المباني الجنائزية الأخرى في المدينة، قبر المسلات، مدفن الحرير، مدفن سكستوس فلورنتينوس،قبر القصر، القبر الكورنثي، وقبر الرينيسانس.


السكان

بلغ عدد سكان لواء البتراء (الذي تشكل مدينة البتراء جزءاً منه) في عام 2009 حوالي 28,760 نسمة، معظمهم من البدو. وكانت قبائل من "عرب اللياثنة" قد استوطنت المكان أثناء إعادة إكتشاف الغرب للبتراء في القرن التاسع عشر. كما كانت عشائر مختلفة تسكن البتراء منذ خمسينيات القرن العشرين، كعشائر "العمارين" و "البدول"، حيث كانوا يسكنون في كهوف داخل البتراء حتى عام 1985، حين رحّلتهم الحكومة الأردنية إلى إسكانات خارج المدينة الأثرية كبلدة "البيضاء" التي تبعد عن البترا حوالي 10 كم. ويُقدر عددهم من 1,000 - 3,000 شخص يتقن الكثير منهم العديد من اللغات الأجنبية رغم أميّة الكثير منهم، بسبب إختلاطهم بالسيّاح الأجانب.

لوحة ديفيد روبرتس لسكان البتراء، 1839


وقد تم في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005 إدراج المجال الثقافي لبدو البتراء ووادي رم على قائمة اليونسكو لروائع التراث الثقافي اللامادي الإنساني. ويقع هذا المجال البدوي الصحراوي قرب مدينة البتراء، داخل منطقة جبلية شبه قاحلة ومساحات صحراوية. وهو مجال تمارس فيه مجموعة من الممارسات والمهارات الثقافية اللامادية، المرتبطة بالحياة الرعوية التقليدية. فقد حافظ بدو البتراء ووادي الرم على معرفة مميزة في مجال الثروة النباتية والحيوانية، وفي حقل الطب التقليدي، وتربية الجمال وحياكة الخيام والترحال وتسلّق الجبال. وهو ما يقع تناقله عبر الأجيال شفويا وبالممارسة. بالإضافة إلى غيرها من الأشكال الثقافية كالأساطير والشعر والحكايات الشعبية والأغاني.


مساكن البتراء قديماً


النشاط الإقتصادي

شكّل معدن النحاس، عصب الحياة الاقتصادية وعنصرًا هامًا في تدعيم نفوذ وقوة حضارة الأنباط. وامتدت أراضي المملكة النبطية عبر مساحات واسعة، فكان تحت نفوذها أراضي وادي ضانا، حيث أقيم أقدم مناجم للنحاس في العالم، وهي مناجم النحاس في وادي فنان. إضافة إلى صناعة الفخار، حيث يعتبر الفخار النبطي من أفضل وأدق الفخار الذي صنع في العالم، لما عرف من منظر وإتقان. وهو رقيق جدًا لدرجة أنه يُطلق عليه " قشرة البيض".
وقد اشتهر الأنباط بالتجارة، وكانت مدينة البتراء محط استراحة للقوافل التجارية. وهذا ما جعل أنتيجونوس - أحد قادة الإسكندر المقدوني - بغزو الأنباط في عام 312 ق.م. ومع مرور الزمن أصبح الأنباط يتمتعون بكيان ونفوذ كبيرين في المنطقة وأزدهر فن المعمار والبناء وسك العملات وصناعة الفخار وفنون النحت وغيرها. وتعكس عاصمتهم مدينة البتراء تلك الفنون في أجمل صورها.


عملة برونزية نبطية منقوش عليها: حارثة الرابع ملك الأنباط


استطاع الأنباط تطوير طرق الزراعة الجافة والحصاد المائي، مما يعكس قدرة الإنسان النبطي على التكيف مع ظروف الحياة الجافة وتطويع الطبيعة، ففنون الزراعة الجافة وطرق الحصاد المائي ما زالت مستخدمة حتى الوقت الحاضر، ومما يجدر ذكره أن العديد من العلماء الغربين استطاعوا نقل التقنيات النبطية القديمة والمستخدمة في الزراعة الجافة والحصاد المائي ويرجع الفضل بهذا حقيقة إلى الأنباط.

أما حاليًا، فتُعتبر البتراء أهم المواقع السياحية جذبًا للسياح على مستوى الأردن، وبالتالي لها عائد إقتصادي كبير على البلاد. كما تشكل البتراء اليوم، عمق الأردن الحضاري، وجانبًا هامًا من مضمون مزيج الهوية التاريخية لهذا البلد. كما تحتل هذه المدينة التاريخية اليوم، المرتبة الأولى أردنيًا من حيث خلق العمالة المحلية ومنطقة جذب سياحي للمشاريع المحلية المدرة للدخل ومنطقة جذب للقطاع الخاص، كما أنها شكلت فئة متوسطة بالنسبة للبيئة والمشاريع الحكومية.


المرافق السياحية

والبتراء محفورة في الصخر ومختبئة خلف حاجز منيع من الجبال المتراصة التي بالكاد يسهل اختراقها تحظى بسحر غامض. إن المرور بالسيق وهو ممر طريق ضيق ذو جوانب شاهقة العلو التي بالكاد تسمح بمرور أشعة الشمس مما يضفي تباين دراماتيكي مع السحر القادم وفجأة يفتح الشق على ميدان طبيعي يضم الخزنة الشهيرة للبتراء المنحوتة في الصخر والتي تتوهج تحت أشعة الشمس الذهبية.

وهنالك العديد من الواجهات التي تغري الزائر طيلة مسيره في المدينة الأثرية، وكل معلم من المعالم يقود إلى معلم آخر بانطواء المسافات. إن الحجم الكلي للمدينة علاوة على تساوي الواجهات الجميلة المنحوتة يجعل الزائر مذهولا ويعطيه فكرة عن مستوى الإبداع والصناعة عند الأنباط الذين جعلوا من البتراء عاصمة لهم منذ أكثر من 2000 عام خلت. ومن عاصمتهم تلك استطاع الأنباط تأسيس شبكة محكمة من طرق القوافل التي كانت تحضر إليهم التوابل والبخور والتمر والذهب والفضة والأحجار الثمينة من الهند والجزيرة العربية للإتجار بها غربا.

نتيجة للثروة التي حصلوا عليها، قاموا بتزيين مدينتهم بالقصور والمعابد والأقواس. وحالما تنطلق من بوابة مدخل المدينة يبدو الوادي رحبا ومفتوحا. إن هذا القسم هو مدخل ضيق يعرف بباب السيق. أول ماتمر به هو مجموعة الجن وهي عبارة عن مجموعة من ثلاثة مكعبات صخرية تقف إلى اليمين من الممر ولدى عبور المزيد خلال الشق يرى الزائر ضريح المسلات المنحوت في المنحدر الصخرى وفي لحظة يتحول الممر من عريض إلى فجوة مظلمة لا يتجاوز عرضها عدة أقدام وفجأة وعلى بعد عدة خطوات تحصل على أول رؤية لأروع إنجاز للبتراء وهي الخزنة التي تبدو للعيان تحت أشعة الشمس الحارقة والمنحوتة في الصخر.


أهمية دينية

للمدينة أهمية دينية وتاريخية للديانات الإبراهيمية الثلاث. يعتقد اليهود أنها تحتوي على أهم وأثمن سر في تاريخهم، وهو تابوت العهد، الذي يحتوي على الوصايا العشر التي أعطاها الله لموسى، بالإضافة إلى وجود عصا هارون فيها، حيث يوجد في البتراء وعلى أحد قممها المطلّة على المدينة الأثرية بارتفاع 1353 متر عن سطح البحر، مقام النبي هارون، وهو عبارة عن مسجد مملوكي صغير، ذو غرفة مُزينة بأقمشة خضراء تعلوها قبة بيضاء وأمامه حجر أسود، بُني في سياق اهتمام المماليك بالمقامات والقبور. كما يدعي بعض اليهود أنهم هم من بنو البتراء، حيث يعتقدون أن التوراة قد أشارت إلى أن من انشأ هذه المدينة هم سلالة النبي "نابوت" الإبن الأكبر للنبي إسماعيل. كما يعتقدون أن اسم البتراء القديم "سالع" هو كلمة عبرية معناها "صخرة"، حيث إنها تُرجمت في العدد الثالث من نبوة عوبديا: "تكبر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر". ويرجحون أنها حيثما تذكر في التوراة، فإنها تشير إلى عاصمة أدوم، المدينة الحصينة في وادي موسى التى اشتهرت باسم "البتراء" (والتي تعني "صخرة" باللغة اليونانية). وبقد بدأ اليهود بزيارة البتراء بشكل ملحوظ، بعد إتفاقية وادي عربة.


مقام النبي هارون في البتراء


من جهة أخرى، ذُكر مقام هارون بالبتراء أيضًا في مخطوطات الكنيسة البيزنطية التي تعود إلى القرن السادس الميلادي باسم "دير نبينا هارون"، حيث يوجد في المدينة آثار لعدد من الكنائس البيزنطية ذات الأرضيات الفسيفسائية. وتُعتبر كنيسة البتراء الرئيسية، ثاني كنيسة في البتراء بعد تحويل قبر الجرة (المحكمة) لكنيسة في عام 446. وتتكون الكنيسة من مبنى ذو 3 أروقة، بالإضافة إلى ساحة وبرج من الجهة الغربية وغرف جانبية من الشمال والشرق.


مقابر الملوك المحفورة في الجبال


كما كان أهالي وادي موسى المسلمون يقومون بزيارة المقام منذ زمن بعيد، حيث كان للمكان طقوس ومناسك تُؤدى. وقد زار الظاهر بيبرس وكاتبه النويري المقام سنة 1276، ولم يتحدث النويري عن وجود بناء فوقه. أما اليوم، فيشهد فوقه مسجدًا صغيرًا كُتب على مدخله عبارة تفيد أنه تم تجديد عمارة هذا المسجد في عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون. وقد زار المقام الرحّالة السويسري بيركهارت عام 1812 عندما أراد أن يزور البتراء، فتذرّع بزيارة المقام وأخذ معه قربانًا ليتمكن من زيارة البتراء.


قبر المسلات، ويظهر عليه عوامل التعرية



البتراء في الفن

أصبح المجتمع الغربي على علم بوجود البتراء بشكل أساسي من خلال قصص جون وليام برغن الدينية، حين وصفها بأنها "مدينة وردية قديمة بقدم الزمن". لكنه نفسه، مثل كثير من معاصريه، لم يقوموا بزيارة البتراء أبدًا. حيث كانوا يعلمون عن البتراء عبر رسومات الليثوغرافيا التي رسمها الفنان الاسكتلندي ديفيد روبرتس للبتراء ومنطقة وادي موسى أثناء زيارته عام 1839، والتي تجاوز عددها عشرين لوحة ليثوغرافية. وقد طبع العديد منها ما أعطى البتراء شهرة عالمية، وقد نشرها في كتابه "مصر وسوريا وفلسطين" في عام 1839. في الواقع، حتى الحرب العالمية الأولى، لم تكن زيارة المدينة متاحة للأوروبيين إلا برفقة مرشدين محليين ومرافقين مسلحين. ويوجد للبتراء العديد من اللوحات والصور الأخرى التي تعود للقرن التاسع عشر مما يدل على مدى الإهتمام الذي أضفاه إعادة اكتشافها على أوروبا في ذلك الوقت. من الأعمال المشهورة للبتراء، لوحة فنية بالألوان المائية لمناظر البتراء للفنان شرانز حوالي 1840، وأول خارطة مخطوطة للبتراء باللغة الإنجليزية من رسم الرحالة لابودي حوالي عام 1830، وصور من تصوير فريت عام 1830.

في عام 1868، تم تشكيل قافلة من الرسامين الفرنسيين للذهاب إلى سيناء والفيوم والبتراء، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال، حيث منعتهم الأمطار الغزيرة من إكمال رحلتهم. ولقد قام الفنان البلجيكي تانتان Tintin بكتابة كتاب مصور عن البتراء، ولكن موقع الصور لم يكن فيةالأردن، حيث كان في دولة إفتراضية أسماها "Khemed74".
وقد احتفت الكثير من المسرحيات والأعمال الدرامية الأردنية والعربية بالبتراء، كان من أهمها مسرحية بترا، التي ألّفها الأخوان رحباني، وغنتها فيروز ونصري شمس الدين وآخرين.

كما تم اختيار البتراء موقعًا لتصوير عدد من الأفلام الأمريكية والعالمية مثل أفلام إنديانا جونز والحملة الأخيرة (Indiana Jones and the Last Crusade) و العاطفة في الصحراء (Passion in the Desert) والمتحوّلون (Transformers)، وغيرها.



البتراء من عجائب الدنيا السبع الجديدة

فازت البترا في مسابقة عجائب الدنيا السبع الجديدة بعد الدعم الرسمي للتصويت، حيث تم اعتبار الأمر واجب وطني، وشنت الحكومة الأردنية حملات دعائية ضخمة من أجل البتراء في الصحف الأردنية والإذاعة الأردنية والتلفزيون الأردني لتحفز مواطني المملكة على التصويت. وبدأت الشركات بإطلاق الحملات لدعم التصويت .





خزنة البتراء ليلاً







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق