Tag Archives: الملف الأخضر العلاقي

العملاق الملف العلاقي الأخضر

مقاومة التغيير بشتى أنواعه تأخذ أشكال كثيرة. ولكن أن يرفع المقاومون للتغيير شعار لهم ويكون هذا الشعار بإجماعهم بدون علمهم فهنا التميز بحد ذاته ! ولعلي أحزن أن الأجيال الجديدة ( وخاصة جيل جستن بيبر ) لم يروا هذه الظاهرة السعودية العجيبة.

الملف العلاقي “الأخضر”. ليس أحمر ولا أسود ولا أبيض. عندما كنت تتقدم على وظيفة, فإن لم تكن تحتفظ بأوراقك في هذه الشرنقة الخضراء فلن ينظر إلى طلبك. عندما كنت تزور أحد الدوائر الحكومية إما لاستخراج رخصة لتقود في شوارعنا المبهرة أو لأحد إدارات التعليم لكي ينضم ابنك للسلك التعليمي الفريد من نوعه أو حتى كنت تقصد الأحوال المدنية مفعما بالحماس للزيارة, إضف إلى ذلك عندما تخرجت من الثانوية مليئا بنشوة التخرج الطموح لكي تكمل دراستك في الجامعات السبع الراقية العريقة (لن يعرف جيل جستن بيبر أنه كان عندنا سبع جامعات فقط), كنت تحتفظ بسجل درجاتك ونسبك في هذا الأخضر.

هذا الملف هو اللغة التي تتخاطب بها مع الموظفين, وإلا صرت أعجميا (ما يعطونك وجه بالعربي).

ولعله لا يبين مدى أهمية هذا الملف الأخضر إلا ما طبع على واجهته وبالكابيتال ” MADE IN KSA”, فهو فخر الصناعة السعودية بلا منازعة. ومن فكر في إنتاجه فهو زيليونير بلا شك ولا تردد (تتوقعون !)

القضية أكبر من الملف الأخضر نفسه, فما هو إلا غطاء لبقايا البيرقراطية المتخلفة في دوائرنا الحكومية. الملف الأخضر ضحية لا يزال يسر ويمرح في الدوائر والأقسام الحكومية على أن مبادرات الأنظمة الإلتكرونية للوزارات والدوائر الحكومية قيد الاستخدام والاستعمال.

كنت في الحقيقة أعتقد أن هذا الملف قد انقرض, لأني زرت كذا دائرة حكومية على مدى السنوات القليلة ولم يشترط عليه أن أحضر الأخضر المخضرم ( ترى مو قصدي المنتخب السعودي!!). ومن يرى التقدم الملحوظ في أنظمة المعلةمات لدى إدارات الجوازات والأحوال المدينة, يسعد بهذا التسهيل والتميز(وإنا كان الكثير الكثير من الملاحظات).

الهدف من هذه الأنظمة هو التوجة من التعاملات الورقية إلى التعاملات الإكترونية لأسباب عدة, أهمها حفظ ومعالجة المعلومات بطريقة أكثر أمنا ودقة, تسهيل وتيسيير تعاملات المواطنين وخدمتهم بطريقة أفضل, وأن يكون هنا مصدر واحد ودقيق لبيانات ومعلومات المراجعين, وغيرها.

 

ولكني تفاجئت بإنبعاث وخروج الملف الأخضر من تحت ركام التكنولويا الهائلة والطفرة التقنية التي نعيشها, واذا به يبزغ شامخا عاليا فارضا نفسه جاعلا من حضرته بوابة لقبول او رفض تقديمك, فارضا قوته وهيبته عليك كائنا من كنت !!

ومن جرب أن يقترض من بنك التسليف سيرى هذا بأم وعمة وخالة عينية! عندما تذهب للبريد السعودي لكي ترسل أوراقك (مع أنك مقدم اونلاين وكله شيء في الأوراق على الموقع, ولكن لابد من الرجعية في التقنية) سيطلب منك موظف البريد إحضار الملف لكي يتم إرساله مع الأرواق!

سُأل الموظف بتعجب: لماذا الملف الأخضر ؟!.الم ينقرض؟!

قال الموظف: كنا نرسل الأوراق بدون الملف, ولكن جائنا “تعميم” بأن لا ترسل الأوراق إلا بداخل الملف!

قلت أنا (راعي المدونة) غفر الله لي: وهذا دليل على أننا نأتي بمبادرات التحول الإلكرتوني من يسر للتعاملات الإكرتونية و أبشر لخدمة الجوارات و شموس شبكة المعلومات الوطنية السياحية ونور نظام الاستعلام للطلاب والطالبات وغيرها من المسميات, ولكن نفشل في التحول الكلي. الأسباب كثيرة مقامها ليس هنا. ولكن مقاومة التغيير والتجديد من قبل المتحجرين ومن أكل عليهم الدهر وشرب في المناصب, يجبرون الملف الأخضر أن يصعد نجمه من جديد.

Image

حصري لمدونة المستكاوي

Image

حصري لمدونة المستكاوي