الربع الخالي، ويعرف أيضًا باسمه التاريخي صحراء الأحقاف. هو صحراء رملية تقع في جنوب شرق الجزيرة العربية وتغطي ربع مساحتها تقريبًا، وتعد من أكبر الصحاري الرملية بالعالم. يتبع جزء من الربع الخالي المنطقة الشرقية إداريًا، أما الجزء الآخر فيتبع منطقة نجران.
تبلغ مساحة الربع الخالي نحو 600 ألف كم2, ويقع نحو 80% من رماله داخل المملكة العربية السعودية. وقد اختُلف في مصدر التسمية، إذ يرى بعض الباحثين والمؤرخين أن مصدر هذه التسمية عربي قديم، لورودها في كتاب البحار العربي الشهير أحمد بن ماجد «الفوائد في أصول علم البحر والقواعد، 895 هـ»، بينما يرى آخرون أنها معربة من الاسم الأجنبي (The Empty Quarter) التي وردت في كتب بعض الرحالة والمستشرقين.
الجغرافيا والمناخ
مناخ الربع الخالي قاريّ، حار جدًا في الصيف وبارد في الشتاء والأمطار فيه قليلة بل نادرة. تهب العواصف الرملية على مدار السنة، لذا تعد صحراء الربع الخالي من أكثر الأماكن ذات الظروف المناخية الصعبة في العالم. وبالرغم من ذلك تدب الحياة في أرجائها، إذ تعيش فيها العنكبوتيات والقوارض وبعض الحيوانات، كالجرابيع والأرانب والزواحف، مثل الضب والأفاعي، إلى جانب انتشار أنواع مختلفة من النباتات، حيث تنمو الشجيرات والأعشاب خصوصًا في وقت الربيع.
ازداد التصحر في هذه المنطقة خلال الألفية الأخيرة، ما جعل مرور القوافل عبر الربع الخالي صعبًا للغاية. وقبل أن يتعرض المكان لهذه الظروف الجغرافية والمناخية القاسية، دأبت قوافل تجارة البخور على استخدام هذه الصحراء عبر طرق ومسافات أصبحت اليوم أرضًا قاحلة والمرور بها اليوم يكاد يكون مستحيلاً.
ثروة تحت الرمال
أرض الربع الخالي غنية بالنفط والغاز، ومن تلك الحقول، حقل شيبة الذي يعد من أكبر الحقول النفطية في السعودية، ويقع في الطرف الشمالي من الربع الخالي. كذلك حقل الغوار الذي يعد أكبر حقل نفطي في العالم، ويمتد ليصل جنوبه إلى الأجزاء الشمالية من الربع الخالي.
بسبب كون الربع الخالي مصب أودية نجد، وبعض أودية عسير واليمن وعُمان، فإن هناك اعتقادًا واسعًا بوجود مخزون كبير من المياه تحت رماله. أما من حيث التاريخ فيؤكد علماء الآثار أن حضارة عاد الضاربة في القدم والتي وصفها القرآن الكريم {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} (الفجر: الآيتان: 7و8) مدفونة تحت رمال هذه الصحراء غير أنها لم تجد من يكتشفها كما اكتُشفت معظم آثار الفراعنة على يد الأوروبيين بعد قرون من اندثارها تحت رمال وادي النيل.
تاريخ قديم
لطالما عُرف الربع الخالي قديمًا برمال وبار، وهي بقعة صحراوية هائلة من الرمال الصفراء المتحركة، ولا يوحي المظهر العام لهذه الصحراء بوجود أي شكل من أشكال الحياة البشرية القديمة، أو أي مظهر من أشكال الاستقرار. والواقع أن الأعمال الاستكشافية لمشارف هذه الصحراء ومجاهلها الداخلية أظهرت عكس هذه النظرية تمامًا. فالربع الخالي يضم أقدم موضع ارتاده الإنسان بالمنطقة الشرقية.
ضمت صحراء الربع الخالي قدامى الصيادين الذين أقاموا مخيمات مؤقتة للصيد، وكان هؤلاء الصيادون يتحركون خلف طرائدهم من الوعول والغزلان والنعام. وقد عثر على نماذج متفرقة من الأدوات الحجرية المستخدمة في الصيد فيها.
واحة يبرين
تقع واحة يبرين في الطرف الشمالي الغربي من الربع الخالي أقصى جنوب محافظة الأحساء. ويبرين بلدة كبيرة وحاضرة لمجموعة من القرى والهجر، تقع في أرض منخفضة عما حولها، وتمثل واحة زراعية قديمة. قبل عقود عدة كانت يبرين محمية بسور من الحجارة والطين، بينما كان نمط الاستيطان في الواحة يتسم بعدم الاستقرار الدائم. ولعلها كانت تُسكن غالبًا خلال موسم جني محصول النخيل في أشهر الصيف.
بالرغم من طبيعة نمط الاستيطان في العصور المتأخرة في هذه الواحة، من حيث محدودية مساحة الأرض ومدة الاستقرار القصيرة، فإن الأدلة الأثرية المكتشفة أظهرت أن يبرين كنت آهلة بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ. وتوجد بقايا آثار استيطان بشري تنتشر على نطاق واسع تتناثر داخل الواحة، وفي بطن وادي يبرين، وعلى سفوح الجبال القريبة. ويعود أقدم تاريخ تم توثيقه في الواحة إلـى العصر الحجري، حيث عُثر على أدوات حجرية صناعية. إنها واحة في قلب صحراء الربع الخالي، يجد فيها من أعياه السفر الراحة والماء والظل، وهذا أغلى ما يتمناه من تاه في مفازات كثبان الربع الخالي. كما أن واحة يبرين كانت محور ارتكاز المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، حيث اتخذها نقطة انطلاق لتوحيد هذا الكيان الشامخ، المملكة العربية السعودية، لذلك تمثل رمزًا تاريخيًا في صفحات الوطن الغالي.