هذه الصورة ليست لقبر النبيّ محمّد في المدينة المنوّرة بل لضريح يُقال إنّه للنبيّ أيوب في سلطنة عُمان
هذه الصورة ليست لقبر النبيّ محمّد في المدينة المنوّرة بل لضريح يُقال إنّه للنبيّ أيوب في سلطنة عُمان | Source: Flickr/fdazayed

في سياق المنشورات الرامية لحصد تفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي، تداولت صفحات وحسابات على موقع فيسبوك صورة قيل إنّها لقبر النبيّ محمّد في المدينة المنوّرة. 

لكن هذا الادّعاء، وعلى غرار ادّعاءات كثيرة مشابهة سابقة، غير صحيح، والصورة ملتقطة في الحقيقة في ضريح في سلطنة عُمان يسود اعتقاد بين السكان المحلّيين أنّه للنبيّ أيّوب، المكرّم في الديانات الإبراهيميّة الثلاث.

يظهر في الصورة ما يبدو أنّه قبر مغطّى بقماش أخضر.

وجاء في التعليقات المرافقة أنها تظهر قبر النبي محمد في المدينة المنورة، داعية المتابعين للتفاعل مع المنشور.

وقد حقّق المنشور بالفعل مئات المشاركات وآلاف التفاعلات على الصفحات الناشرة له.

صورة ملتقطة من الشاشة في 12 يناير 2024 من موقع فيسبوك

حقيقة الصورة

لكن ما قيل عن هذه الصورة غير صحيح، ولا توجد صور ملتقطة من داخل الحجرة التي دُفن فيها النبيّ محمّد قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، في المدينة المنوّرة التي كانت تُعرف قبل الإسلام بمدينة يثرب.

ووفقاً للمصادر الإسلامية الأولى، دفن النبي في بيته، على مقربة من المسجد الذي بناه في المدينة بعد هجرته إليها من مكّة. ومع توسيع المسجد تباعاً أصبح البيت والقبر داخل حرم المسجد المعروف باسم المسجد النبويّ، أو الحرم النبويّ.

أما الصورة المتداولة فيرشد التفتيش عنها على محركات البحث إلى مواقع نشرتها قبل سنوات على أنّها مصورة في سلطنة عمان في "ضريح النبي أيوب"، الذي يحمل اسمَه سفر في الكتاب المقدّس، ويذكره القرآن على أنه من الأنبياء الصابرين.

قبر النبي أيوب

وأمكن العثور أيضاً على صورة مشابهة نشرتها وكالة "ألامي" عام 2007.

ويرشد التعمّق بالبحث إلى فيديوهات نشرها مستخدمون على موقع يوتيوب مصوّرة داخل هذا الضريح الواقع في محافظة ظفار الواقعة في جنوب سلطنة عُمان.

وقد وزعت وكالة فرانس برس في يوليو 2022 صورة من داخل الضريح نفسه.

وسبق أن انتشرت على مواقع التواصل في السنوات الماضية صور عدّة زعم ناشروها أنها مصوّرة داخل قبر النبيّ، تبيّن لصحفيي خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس أن إحداها مصوّرة في قبر متصوف في سلطنة عُمان أيضاً، وأن الثانية تُظهر في الحقيقة ضريح مؤسس الدولة العثمانية عثمان بن أرطغرل، فيما تُظهر الثالثة مجسّماً في متحف.

لقطة من الفيديو المتداول (مواقع التواصل)
لقطة من الفيديو المتداول (مواقع التواصل) | Source: social media

مع تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ أكثر من 7 أشهر في قطاع غزة، وتمددها إلى رفح الواقعة على الحدود المصرية، صعدت القاهرة لهجتها ضد إسرائيل بعد أن حاولت منذ بدء الحرب الحفاظ على موقف متوازن.

وفي هذا السياق، تداولت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو، قيل إنه يُظهر تحليقاً للطائرات الحربية المصرية في سماء سيناء. 

ويظهر في الفيديو سرب من الطائرات الحربية، ومن الممكن رؤية خطوط بألوان تبدو كأنها أسود وأبيض وأحمر، على جناحي كل طائرة.

وعمد ناشرو الفيديو لإضافة العلم المصري في أعلاه، وهو مؤلف من الألوان نفسها، مما يعزز الانطباع بأن هذه الطائرات مصرية.

وجاء في التعليقات المرافقة، أن الفيديو "يوثق طلعات جوية للطائرات الحربية المصرية في سيناء" خلال الآونة الأخيرة.

وهذا المنشور هو واحد من عدة منشورات ظهرت في الآونة الأخيرة، تتحدث عن استنفار عسكري مصري في ظل ما يجري في قطاع غزة المجاور لشبه جزيرة سيناء، من بينها منشورات تتحدث عن اصطفاف دبابات على الحدود، أو عن استعداد القوات الجوية لأي طارىء.

وتزامن ظهور هذه المنشورات مع نقل وسائل إعلام مصرية عن مصادر رفيعة، أن القاهرة أبلغت إسرائيل "بخطورة التصعيد" بعد سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتشديدها على أن "مصر جاهزة للتعامل مع السيناريوهات كافة".

حقيقة الفيديو

لكن ما قيل عن الفيديو غير صحيح، فالتفتيش عنه على محركات البحث يُظهر أنه منشور عام 2022، مما ينفي ما قيل عنه على مواقع التواصل.

ونُشر الفيديو تحديداً في نوفمبر 2022، في مواقع تُعنى بالطيران الحربي، قالت إنه مصور في الولايات المتحدة، وتحديداً ضمن استعراض لطائرات Thunderbirds في قاعدة نيليس الجويّة في نيفادا في لاس فيغاس.

وبالفعل، أقيم في تلك القاعدة الجويّة استعراض لطائرات Thunderbirds في الخامس والسادس من نوفمبر 2022، وفقاً للموقع الإلكتروني للقاعدة العسكرية.

لكن هل الألوان الظاهرة على أجنحة الطائرات هي ألوان العلم المصري؟

الإجابة هي لا، فهذه الألوان ليست ألوان العلم المصري وإن كانت تُشببها.

ويمكن ملاحظة وجود هذه الألوان نفسها في صور لطائرات حربية أميركية نشرتها مواقع عسكرية، وأيضاً وزعتها وكالة فرانس لطائرات Thunderbirds في السنوات السابقة.

وفي الصور الواضحة، يمكن ملاحظة أن اللون الثالث هو الأزرق الداكن، وليس الأسود. وبالتالي فإن هذه الألوان مقتبسة من ألوان العلم الأميركي ولا شأن لها بالعلم المصري.