لاعبو المنتخب العراقي يحتفلون بالفوز ببطولة خليجي 25 في البصرة الخميس الماضي.
لاعبو المنتخب العراقي يحتفلون بالفوز ببطولة خليجي 25 في البصرة الخميس الماضي.

يتواصل الجدل على منصات التواصل الاجتماعي في العراق بعد رفع أحد لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم صورة لنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق أبو مهدي المهندس، خلال حفل بفوز المنتخب بخليجي 25، في هيئة الحشد. 

المهندس الذي قضى بغارة أميركية في بغداد بداية عام 2020 وكان مدرجا على لائحة الإرهاب الأميركية منذ عام 2009، هو مؤسس ميليشيا "كتائب حزب الله"، إحدى أذرع إيران العسكرية في العراق.

وأعرب ناشطون على مواقع التواصل عن خيبة أملهم بشأن المنتخب الذي كان يجب أن يبقى بعيدا عن السياسة، بحسب رأيهم.

وبعد التفاعل الشعبي الواسع ببطولة "كأس الخليج العربي 25" والاحتفاء المتبادل بين العراقيين وضيوفهم الخليجيين، ولدت جولة المنتخب وتنقله بين مكاتب مسوؤلين رسميين وحزبيين انطباعا بوجود التفاف على رسالة البطولة لاستثمارها سياسيا.

والتقى اللاعبون، يرافقهم رئيس الاتحاد عدنان درجال، بفالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، وهو شخصية خاضعة لعقوبات أميركية لـ"دوره في العنف ضد المتظاهرين في عام 2019"، خلال الاحتفال الذي رفعت فيه صورة المهندس. 

يقول الصحفي والمحلل الإعلامي مهند عبد الكريم إن "المنتخب العراقي أظهر صورة معاكسة تماما للصورة التي أظهرها مشجعوه خلال الاحتفال، من خلال التركيز على دعم السياسيين والإشادة بهم بدلا من تقديم الشكر للمشجعين الذين رافقوا المنتخب بكثافة طوال فترة البطولة".

ويضيف عبد الكريم لموقع "الحرة" أن المشجعين "أظهروا صورة وطنية، بعيدة عن التأثيرات الخارجية، وراغبة بالامتزاج مع الشعوب المجاورة وخصوصا شعوب الخليج، فيما أظهر اللاعبون دعما لسياسيي الكتل المختلفة التي لا يكن لها الكثير من الشعب المودة، وأظهروا قربا مع إيران خلال حفل تكريم الإطار التنسيقي".

يقول هذا المغرد إن "لاعب المنتخب الوطني مناف يونس يهدي قميصه إلى أبو مازن" وهو مسؤول محلي سابق في محافظة صلاح، سبق واتهم بالفساد. 

تأثير عكسي

ويقول الخبير الإعلامي منتظر بخيت إن "لاعبي المنتخب تسببوا بإحباط كثير من العراقيين بسبب ما ظهر من عدم اكتراثهم بتاريخ الشخصيات التي دعموها".

ويضيف بخيت لموقع "الحرة" إن "ما فعله المنتخب الإيراني لم يمر عليه وقت طويل، حينما كسب احترام العالم بسبب رفضه ترديد النشيد الوطني خلال مباريات كأس العالم احتجاجا على قمع المحتجين في إيران، وكان على لاعبي العراق أن يقوموا بشيء مماثل، أو على الأقل ألا يظهروا بهذه الصورة أمام الملايين من الشباب ممن يتأثرون بسلوكهم".

ويضيف "ما فعلوه فهم على أنه تجارة بالفوز من أجل تحقيق مكاسب مادية والحصول على هدايا، لكن البطولة هذه لم تكن مميزة بسبب المنتخب، وإنما بسبب الجمهور وحضوره الهائل وضيافته المميزة للضيوف الخليجيين، والمنتخب بدا وكأنه سرق الإنجاز ومنحه للسياسيين، على الرغم من أنه فاز بالبطولة".

ويقول المحلل السياسي د. محمد نعناع لموقع "الحرة" إن "هناك دافعا واحدا لكل السياسيين الذين استقبلوا لاعبي المنتخب العراقي، حيث أن البطولة لم تكن مهمة دوليا أو رياضيا، ولكنها بطولة جماهيرية أكثر من أي شيء آخر، وقد تفاعل السياسيون معها لأنها استقطبت الجماهير".

ويضيف نعناع لموقع "الحرة" أن "كل السياسيين أرادوا إظهار اهتمامهم للشباب". ويتابع نعناع إن المكسب السياسي المتوقع لهذه الحركات سيكون "مكسبا محدودا جدا"، لأن المنتخب استخدم من قبل أكثر من جهة سياسية، كما أن "هذه اللقاءات خففت من دعم الشعب للمنتخب بدلا من أن تجلب مزيدا من الدعم للسياسيين".

وحصل لاعبون على هدايا من سياسيين أثارت الجدل، لكن صورة المهندس بقيت الأكثر إثارة للجدل على صفحات السوشل ميديا العراقية.

واعتبر ناشطون آخرون أن رفع صورة المنهدس مسألة طبيعية على اعتبار أنه قاتل داعش دفاعا على العراق.

 

ويقول الصحفي زيد سالم إن "رفع الصورة هو رد لجميل المهندس الذي حمل السلاح للدفاع عن العراق خلال فترة سيطرة تنظيم داعش على مساحات كبيرة منه".

وأضاف سالم لموقع "الحرة" أنه "بغض النظر عن الموقف الدولي من المهندس، فإنه قاتل دفاعا عن البلاد وقتل على أرضها".

لكن الناشط القانوني غيث محمد يعتقد أنه كان من البديهي والواجب الوطني أن يعزل الاتحاد وأفراد المنتخب الوطني انتماءاتهم الشخصية بعيدا عن الإعلام وأن يظهروا بالهوية الوطنية العامة احتراما وتقديرا لكل المكونات وكل الطوائف وكل الانتماءات الأخرى".

ويقول محمد لموقع "الحرة" إنه يمكن اعتبار ما فعله المنتخب الوطني بعد الفوز بكأس خليجي 25 هو تقويض لما تبقى من هوية وطنية ونزوح نحو الهويات الفرعية".

مشجعون منقسمون أيضا

ورفعت صورة أبو مهدي المهندس في المدرجات خلال المباريات، لكن مشجعين آخرين يقولون إنهم "شعروا بالحزن".

ويقول همام المعموري، وهو ناشط ومشجع إنه "بقي ساعات طوال في الملعب لتشجيع المنتخب"، وأن صورة أبو مهدي التي رفعها جلال حسن أشعرته "بالحزن".

وتابع المعموري "أفهم أن يكون للاعبين آراء سياسية، لكن الحق الأول هو لمشجعيهم، وعليهم الاحتفاظ بتلك الآراء لأنفسهم بدلا من تمجيد شخصيات تثير الانقسام".

وفاز المنتخب العراقي بلقب بطولة كأس الخليج العربي 25 التي أقيمت في البصرة بعد عقود منذ إقامتها آخر مرة أقيمت فيها في العراق.

وشهدت المباريات حضورا جماهيريا وإعلاميا خليجيا وعراقيا كبيرا جدا، حتى أن عمليات تدافع للدخول إلى الملعب في المباراة الأخيرة أدت إلى حدوث إصابات.

وأشاد بالمشجعين وأهالي البصرة على نطاق واسع الزوار الخليجيون، واعتبرت الحفاوة البصرية على ترحيبا بعودة الخليجيين إلى البصرة.

احتجزت سلطات إقليم كردستان العراق أو استدعت في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 ما لا يقل عن 10 صحفيين بسبب عملهم الصحفي
احتجزت سلطات إقليم كردستان العراق أو استدعت في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 ما لا يقل عن 10 صحفيين بسبب عملهم الصحفي (أرشيفية-تعبيرية)

قالت منظمة العفو الدولية، الخميس، إنه يجب على سلطات إقليم كردستان العراق أن تضع حدًا لاعتدائها على الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والضرب والمحاكمات الجائرة للصحفيين.

وأضافت المنظمة، قُبيل اليوم العالمي لحرية الصحافة، أنه كانت للمضايقات والترهيب والهجمات ضد الصحفيين تأثير مخيف على الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة في إقليم كردستان العراق، حيث أُجبر العديد من الصحفيين على الفرار أو الاختباء أو التخلي عن ممارسة الصحافة تمامًا، بينما لا يزال العديد من نظرائهم يقبعون في السجون.

وقالت مسؤولة حملات معنية بالعراق في منظمة العفو الدولية، بيسان فقيه: "تتباهى سلطات إقليم كردستان العراق بأن الإقليم هو (منارة لحرية الصحافة)، لكنه ليس سوى ادعاء مثير للسخرية بالنظر إلى قمعها لحرية الصحافة ومضايقة الصحفيين وترهيبهم ومحاكمتهم، وخاصة أولئك الذين كتبوا عن مزاعم الفساد، وانتقدوا تعامل السلطات مع القضايا الاجتماعية".

وأضافت: "وقد خلق اعتداء السلطات على حريات الصحافة ثقافة خوف صُمّمت لخنق المعارضة السلمية وإدامة الإفلات من العقاب".

وأوضحت المنظمة في تقرير على موقعها الإلكتروني أنه "في 2023، سجّل مركز ميترو، وهو منظمة تعمل على حماية حقوق الصحفيين في إقليم كردستان العراق، 37 حالة اعتقال للصحفيين و27 حادثة تعرّض فيها صحفيون للاعتداءات والتهديدات والإهانات".

ووفقًا لتوثيق منظمة العفو الدولية، احتجزت سلطات إقليم كردستان العراق أو استدعت في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 ما لا يقل عن 10 صحفيين بسبب عملهم الصحفي. ويقضي آخرون بالفعل أحكامًا بالسجن بعد خضوعهم لمحاكمات جائرة. 

وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى ثمانية صحفيين، وذوي صحفيين محتجزين ومحاميهم، واطّلعت على وثائق المحكمة المتعلقة بأربع قضايا ضد صحفيين محتجزين في إقليم كردستان العراق، وتحدثوا جميعًا عن العقبات التي تعترض حرية الصحافة في إقليم كردستان العراق.

وسلطت المنظمة الضوء على الصحفي قهرمان شكري الذي يقضي حاليًا حكمًا بالسجن لمدة سبع سنوات بعد خضوعه لمحاكمة سرية جائرة. وكان قبل اعتقاله ينتقد تعامل السلطات الكردية مع الضربات الجوية التركية في إقليم كردستان العراق.

وقال شقيقه، زرافان شكري، لمنظمة العفو إنه في يناير 2021، اعتقلت قوات الأسايش، وكالة الأمن والاستخبارات الرئيسية التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق، قهرمان بعنف خلال مداهمة كسروا خلالها الباب الرئيسي لمنزله في محافظة دهوك وجرّوه من سريره.

ووفقاللمنظمة، اختفى قهرمان قسريًا لمدة أربعة أشهر، إلى أن تلقت عائلته مكالمة هاتفية من أحد عناصر قوات الأسايش يبلغهم بأنه محتجز في سجن زركا في مدينة دهوك. وعندما زارته عائلته لأول مرة في مايو 2021، أخبرهم قهرمان أن قوات الأمن ضربته بشكل مبرّح حتى اعترف بجرائم لم يرتكبها.

وقال شقيقه للمنظمة: "كان خائفًا وأراد أن يتوقف الضرب". كما أخبرهم قهرمان أنه لم يكن لديه تمثيل قانوني أثناء استجوابه. وقالت العائلة أيضًا إنها لم تعرف أن قهرمان قد اتُهم وحوكم إلا بعد صدور الحكم، عندما سُمح لهم بزيارته.

وكشفت وثائق المحكمة التي اطّلعت عليها منظمة العفو أن محكمة جنايات دهوك أدانته بـ"الانضمام لحزب العمال الكردستاني والضلوع في أنشطة تجسس لصالحه وتبادل معلومات معهم".

وأوضحت الوثائق، بحسب المنظمة، أنه "لم يُسمح له بالاستعانة بمحامٍ من اختياره يمثله أثناء المحاكمة، ولم يُمنح الوقت الكافي لإعداد دفاعه. وأخبر قهرمان شقيقه أنه لم يكن على علم بالمحاكمة حتى نُقل فجأة في سيارة أمنية إلى محكمة جنايات دهوك".

وذكرت أنه في 12 أكتوبر 2023، أيدت محكمة التمييز إدانته والحكم عليه، حتى بعد أن أخبر قهرمان القضاة أن “اعترافاته” انتُزعت بالإكراه.

وقالت بيسان فقيه: "منذ لحظة القبض عليه، انتُهكت حقوق قهرمان الأساسية انتهاكًا صارخًا، بما فيها حقه في محاكمة عادلة، فقد تعرض للضرب، وأُجبر على الاعتراف، وحُرم من الاستعانة بمحام".

وقال شقيق قهرمان، وهو صحفي أيضًا، لمنظمة العفو إنه "تلقى تهديدات متعددة تأمره (بإبقاء فمه مغلقًا) بسبب سعيه ومناداته بإطلاق سراح شقيقه.

وأضاف: "غادرتُ (كردستان]=) لحماية عائلتي لأنهم عاشوا في خوف دائم من أن أتعرض للاعتقال أيضًا".

أما شيروان شيرواني، فذكرت منظمة العفو أنه صحفي آخر ركز عمله على حقوق الإنسان وحرية التعبير وقضايا الفساد،و اعتُقل في 7 أكتوبر 2021، واتُهم بعد أربعة أشهر مع أربعة صحفيين ونشطاء آخرين بتُهم زائفة بالتجسس وتبادل المعلومات مع حزب العمال الكردستاني.

وأوضحت المنظمة أن المحاكمة شابتها انتهاكات خطيرة للحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك مزاعم بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي لم يجرِ التحقيق فيها، والاعتماد على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، ورفض السماح لمحامي الدفاع بالاطلاع على ملفات القضية في الوقت المناسب.

وكان من المقرر، بحسب المنظمة، إطلاق سراح شيروان، في 9 سبتمبر 2023، لكن محكمة جنايات أربيل وجهت إليه، في 20 يوليو 2023، تُهمًا إضافية لا أساس لها من الصحة تهدف إلى إبقائه خلف القضبان، وحُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات أخرى.

وعلمت منظمة العفو الدولية أن تُهمًا زائفة أخرى قد وُجهت إلى شيروان الذي ينتظر حاليًا المحاكمة بسببها.

مناخ مروّع للصحفيين

ووفقا للمنظمة، في حين حوكم عدد من الصحفيين وحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة، فقد عرضت السلطات الصحفيين في معظم الحالات للمضايقة والترهيب، ما أدى إلى إسكات الأصوات الناقدة.

وتعلم منظمة العفو بوجود ما لا يقل عن ثمانية صحفيين فروا من إقليم كردستان العراق في السنوات الأربع الماضية خوفًا على سلامتهم. عمل العديد منهم في وسائل إعلامية كان يُنظر إليها على أنها تنتقد السلطات وتتناول قضايا الفساد المزعومة في حكومة إقليم كردستان.

وقال أحد الصحفيين الذين تعاونوا مع شيروان في قضايا فساد وأخرى اجتماعية، لمنظمة العفو إن قوات "الأسايش وقوات الباراستين، وحدة الاستخبارات في الحزب الديمقراطي الكردستاني وهو الحزب الحاكم في إقليم كردستان العراق، اعتقلته 11 مرة قبل فراره في 2020". وأضاف الصحفي إنه لم يرَ قط مذكرة اعتقال صادرة بحقه.

واختمت بيسان فقيه حديثها: "لا ينبغي لأحد أن يواجه المضايقة والترهيب لمجرد أدائه عمله الصحفي. ويجب على حكومة إقليم كردستان العراق الإفراج فورًا ودون قيد أو شرط عن جميع المحتجزين لمجرد ممارستهم عملهم الصحفي".

وأضافت: "وينبغي للسلطات دعم حقوق الإنسان وحرية الصحافة، واتخاذ خطوات ذات مصداقية لخلق بيئة مواتية تمكّن الصحفيين من ممارسة عملهم بأمان وتسمح للناس بالتعبير عن آرائهم الانتقادية بحرية".