اختيرت عام 2007 واحدة من عجائب الدنيا الجديدة

البتراء مدينة أشباح.. والحجوزات الفندقية «صفر»

الحجوزات كانت تفوق 90% وخلال أقل من أسبوع ألغيت كلها. أرشيفية

عند باب «الخزنة» أشهر معالم مدينة البتراء الأثرية في جنوب الأردن، يقف نايف هلالات حارس الموقع وحيداً وحزيناً، ويقول «للمرة الأولى في حياتي أرى المكان خالياً هكذا. عادة هناك آلاف السياح».

وتعد البتراء المشهورة بعمارتها المنحوتة بالصخور والتي تقع على بعد 225 كيلومتراً جنوب عمّان، الوجهة المفضلة للسياح الأجانب في الأردن. وقد اختيرت عام 2007 كواحدة من عجائب الدنيا الجديدة، لكنها اليوم أشبه بمدينة أشباح.

وشيدت المدينة الوردية (نسبة لألوان صخورها) في العام 312 ق.م كعاصمة لمملكة الأنباط العربية القديمة.

ويقول هلالات (42 عاماً)، وهو أب لخمسة أطفال ويعمل في الموقع منذ عشرة أعوام: «في مثل هذا الوقت من كل عام يعجّ المكان بآلاف السياح، كنا نضطر أحياناً لتنظيم صفوفهم وعملية إدخالهم كي لا يحصل تدافع، أما الآن فليس هناك غير أصوات العصافير».

في آخر ممر «السيق»، وهو طريق ضيق تتسلل أشعة الشمس بين حافتيه الشاهقتين وكان يسلكه السياح المتوجهون إلى البتراء سيراً على الأقدام أو على ظهور الدواب أو العربات المجرورة بواسطة الدواب، يسير هلالات الذي اعتمر قبعة كاكية اللون يتوسطها علم الأردن وحيداً ببطء جيئة وذهاباً أمام «الخزنة».

في أماكن الاستراحة المغلقة والخالية يعلو الغبار الطاولات الخشبية، فيما تسمع من بعيد أصوات عمال يقومون بتعقيم الموقع. خارج محال بيع الهدايا التذكارية المغلقة لاتزال القمصان القطنية التي تحمل صور الموقع معلّقة وقد بهتت ألوانها بسبب أشعة الشمس اللاهبة.

وغادر آخر السياح المملكة في 16 مارس قبل يوم من إقدام السلطات الأردنية على تعليق الرحلات الدولية وغلق المطارات حتى إشعار آخر. ومنذ ذلك الوقت أصبحت البتراء مهجورة، وأصبح نحو 200 دليل سياحي و1500 من أصحاب الرواحل من خيل وحمير وجمال من سكان وادي موسى عاطلين عن العمل.

ويقول الدليل السياحي نعيم النوافلة (55 عاماً)، وهو أب لستة أطفال: «ما حصل بالنسبة لنا ولسكان هذه المنطقة أشبه بالكارثة. في السابق كانت أعداد السياح ترتفع وتنخفض بحسب ظروف المنطقة، أما الآن فلا يوجد سياح نهائياً. هذا أمر لم يحصل من قبل».

ويضيف النوافلة الذي يعمل في الموقع منذ نحو 30 عاماً وكان يتقاضى نحو 50 ديناراً يومياً (نحو 70 دولاراً) لقاء عمله: «سئمنا الجلوس في المنزل، وإذا استمر الوضع هكذا فهي مشكلة كبيرة. نحن الآن نصرف مدخراتنا».

ويخشى أن تتأخر عودة السياح عاماً أو عامين وأن «تكون إجراءات السفر المستقبلية منفرة للسياح، خصوصاً أن أغلبهم من كبار السن والمتقاعدين».

ويقول مفوض سلطة البتراء التنموي والسياحي سليمان الفراجات إن «نحو 80% من سكان إقليم البتراء البالغ عددهم نحو 38 ألفاً يعتمدون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على السياحة كمصدر دخل لهم».

وأحد هؤلاء نائل نواس (41 عاماً)، وهو أب لثمانية أطفال ويملك حماراً كان يستخدمه في نقل السياح، خصوصاً كبار السن، ويكسب ما بين 30 و40 ديناراً (40 إلى 55 دولاراً) يومياً، ويعمل الآن مؤقتاً في بيع الماشية.

ويبدو أن فنادق البتراء الـ45 وغرفها الـ3000 ستواجه أياماً صعبة مع بدء الموسم السياحي.


آمال بعودة السياح

في بهو فندق «لا ميزون» ذي الثلاثة نجوم والمبني من الحجر الأبيض والمحاط بأشجار صغيرة، جلس عامل الاستقبال وحيداً وقد وضع يداً على خده وعينه على المدخل. ويقول مالك الفندق طارق الطويسي «المصيبة أن هذا الوباء جاء مع ذروة موسمنا السياحي الذي يبدأ في فبراير».

ويضيف «الحجوزات كانت تفوق 90%، وخلال أقل من أسبوع ألغيت كلها. نسبة إشغال الغرف في فندقي هي صفر الآن».

ويأمل الطويسي الذي يشغل أيضاً منصب رئيس جمعية فنادق البتراء أن «يعود السياح إلى البلدان التي لم تتأثر بالوباء كالأردن»، الذي سجل حتى الآن 863 إصابة، وتسع وفيات بفيروس كورونا المستجد.

نايف هلالات: «كنا نضطر أحياناً لتنظيم صفوف السياح وإدخالهم كي لا يحصل تدافع، والآن ليس هناك غير أصوات العصافير».

80 %

من سكان إقليم البتراء يعتمدون على السياحة كمصدر دخل.

200

دليل سياحي، و1500 من أصحاب الرواحل من خيل وحمير وجمال، عاطلون عن العمل.

تويتر