A+ A-

البتراء مدينة وردية مازالت محتفظة بلونها الزاهي

مدينة البتراء جنوبي مملكة الاردن
مدينة البتراء جنوبي مملكة الاردن
 من محمد العنزي  عمان - 21 - 8 (كونا) -- عندما تتلاقى ابداعات الطبيعة التي نحتت خطوطها على جبال وادي موسى جنوبي مملكة الاردن مع من ابداعات ايدي البشر التي كتبت تاريخها في تلك الجبال والتي رسمت لوحة ابداعية عكست الانسجام بين الطرفين فانه يمكن رؤية ذلك في مدينة البتراء.
ومن ينظر الى تلك المدينة الوقعة على بعد 262 كيلو مترا من العاصمة عمان فانه يعرف تلقائيا لماذا دخلت تلك المدينة ضمن عجائب الدنيا السبع التي صوت عليها في شهر يوليو الماضي حيث يحتار الزائر الى ماذا ينظر الى جمال نحت الطبيعة أم نحت البشر.
وكانت رحلة نظمتها هيئة تنشيط السياحة الأردنية لوفد صحافي كويتي يزور الاردن لرؤية المدينة قد بدأت من عمان جنوبا وصولا الى المدينة التي لم يكن من الممكن رؤيتها مباشرة بسبب اختبائها خلف الجبال اما خوفا من البشر واما خجلا من اظهار جمالها.
وكانت المدينة المنحوتة بالكامل في الجبال قد بناها العرب الانباط عام 400 قبل الميلاد واستمرت الى ما يزيد على 500 عام عندما قضى عليها الرومان في سنة 106 ميلادي.
كما كانت البتراء تمثل عاصمة الدولة الممتدة حدودها من مدينة عسقلان في فلسطين حتى بلاد الشام مشكلة أهمية اقتصادية ومركزا لالتقاء خطوط التجارة بسبب موقعها الذي توسط حضارات بلاد العراق التي كانت تسمى حضارة (ما بين النهرين) والجزيرة العربية ومصر.
ويعود اصل كلمة البتراء الى اللغة اليونانية وتعني مدينة الصخر بسبب نحتها بالكامل في الجبال كما أطلق عليها أيضااسم المدينة الوردية بسبب اللون الوردي الغالب على جبال المنطقة حيث اصطبغت المدينة بذاك اللون الذي أضفى عليها طابعا رومانسيا جميلا.
ولايمكن الوصول الى المدينة الا عبر ممر ضيق جدا بين الجبال يسمى (السيق) الذي تعود تسميته الى اللغة العربية التي تعني الشق اذ أخذ المستكشفون الاسم من أهل المدينة.
ويصل طول ذلك الممر الى 1200 متر وينتهي عند المبنى الشهير الذي يسمى الخزنة.
والمسير في السيق يعتبر في حد ذاته متعة بسبب الطريق الملتوي والارتفاع الشاهق لجدران الجبال التي تتجاوز في اتفاعها 90 مترا في حين يتفاوت عرضه بين عشرة أمتار في بعض الأماكن ويضيق في اماكن أخرى بحدود ثلاثة أمتار.
وبدأت مسيرة الوفد بعد الوصول الى موقع المدينة مشيا على القدام عند بداية السيق الذي توجد في بدايته آثار لبقايا قوس بوابة يبدو أنها كانت بوابة دخول المدينة اضافةالى وجود ممر مائي محفور على أحد جانبي الجبل يزود المدينة بالمياه.
كما توجد على جانبي السيق عدد من آثار التماثيل نحتها الأنباط وهي تمثل محطات مقدسة لهم حتى الوصول الى نهاية الممر الذي يسير بشكل متعرج يتسع أحيانا ويضيق أخرى الى نهايته حيث يطل بعدها المبنى الرئيس للبتراء التي يطلق عليها اسم (الخزنة).
والخزنة عبارة عن واجهة صخرية ذات لون وردي يبلغ ارتفاعها حوالي 40 مترا تزينها ستة أعمدة كبيرة نحتت فوقها كؤوس وزخارف نباتية كما يوجد أعلى المبنى مثلث في داخله تمثال لآلهة الخصب.
ويعود تسمية الخزنة بهذا الاسم الى اعتقاد اهل المنطقة قديما بأن هذا المبنى هو ضريح لأحد فراعنة مصر الذي دفن فيه مع كنوزه في حين كانت الخزنة عبارة عن قبر لأحد الملوك والذي تبين بعد الاستكشاف أنها لاحد ملوك الانباط.
واوضح المرشد السياحي للوفد السيد محمود ابراهيم ان نوعية صخور الجبال ساعدت الانباط في النحت بصورة جمالية وهي من نوع الصخور الرملية حيث تسهل عملية النحت ورسم النقوش عليها.
وقال ان الانباط كانوا ينحتون في الجبال ويجعلونها كهوفا لهم ليس من اجل السكن فيها ولكن كمقابر حيث ان كل كهف ونوعيته تعكس المستوى الاقتصادي والاجتماعي للشخص.
وبين ابراهيم ان النقوش الموجودة على واجهة الخزنة تاثرت بالحضارات الاخرى حيث تتشكل من نقوش فرعونية ورومانية يونانية وانباطية متناسقة بشكل جميل اما من الداخل فيوجد صالة تقام فيها مراسم العزاء وغرف أخرى للتخزين اما الطابق الثاني فيعتبر قبرا للميت.
ويوجد ممر اخر على جانب الخزنة يؤدي الى المدينة التي سكنها الانباط قديما اضافة الى عدة كهوف منحوتة في الجبال تقع على مساحة شاسعة في الجبال المتناثرة في المنطقة التي تصل مساحتها الى 57 كيلو مترا مربعا.
كما يوجد في المدينة عدة اثار اخرى كالمدرج الروماني والمقابر العديدة الموجودة على جدران الجبال نحتت بصورة جميلة تستحق استكشافها والاطلاع عليها لمعرفة كيف عاش سكانها قديما.(النهاية) م غ ع كونا211249 جمت اغو 07