#كيف_أضحت! (11).. تدمر.. مدينة الشمس السورية التي دمرها داعش والحروب - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 9:27 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

#كيف_أضحت! (11).. تدمر.. مدينة الشمس السورية التي دمرها داعش والحروب

منال الوراقي:
نشر في: الجمعة 23 أبريل 2021 - 11:50 ص | آخر تحديث: الجمعة 23 أبريل 2021 - 11:52 ص
بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟.

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق"، في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسة "كيف أضحت!"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.

من سوريا إلى اليمن وليبيا والسودان، هنالك العديد من المدن التي دمرتها الحروب الحديثة، لعل أبرزها مدينة تدمر السورية، تلك المدينة الأثرية ذات الأهمية التاريخية الكبيرة، التي تقع حاليا في محافظة حمص بوسط سوريا، والتي يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث.

ومدينة تدمر، التي يعرفها السوريون باسم "عروس الصحراء"، هي أحد أهم المواقع الأثرية في الشرق الأوسط والعالم، تقع على بعد مائة وثلاثين ميلا شمال شرق العاصمة دمشق، لكن الحرب المستمرة في سوريا، والمندلعة منذ عشر سنوات، وحملة الدمار التي نفذها تنظيم داعش، ساهم في تغيير ملامح هذا الموقع التاريخي المهم.


تدمر.. ممر التجارة العالمية في العالم القديم
ورد ذكر المدينة الأثرية في السجلات التاريخية، للمرة الأولى، في الألفية الثانية قبل الميلاد، ففي تلك الفترة تنقلت المدينة بين أيدي عدة دول حاكمة إلى أن انتهى بها المطاف تحت سلطة الإمبراطورية الرومانية، في القرن الأول بعد الميلاد، وفقا لما ذكر تقرير متحف المتروبوليتان الأمريكي، الصادر باسم المدينة التراثية عام 2000.

وقد كانت تدمر مدينة كبيرة الثراء بفضل موقعها بنقطة تقاطع عدة طرق تجارية في العالم القديم، لذلك اشتهر أهل تدمر بالمدن الكثيرة، التي أقاموها على طريق الحرير، وهو أحد أهم الطرق التجارية القديمة، والذي يمتد من الصين غربا إلى أوروبا شرقا، وساعدهم في ذلك علاقاتهم التجارية مع الإمبراطورية الرومانية، فراحوا يعمرون أبنية هائلة ومعالم رفيعة في مدينتهم، مثل كولوناد تدمر الكبير ومعبد بل والقبور القائمة على هيئة أبراج.


أهل تدمر.. مزيج وقبائل ظلت تواجه التغيرات
وكان أهل تدمر، من الناحية العرقية، مزيجا من الأموريين والآراميين والعرب، وكانوا يتحدثوا اللهجة التدمرية الآرامية، وهي إحدى لهجات اللغة الآرامية، كما استخدموا اللغة اليونانية في كتاباتهم التجارية والسياسية.

ويعتقد أن أهل تدمر كانوا يعتنقون ديانات وثنية عدة، من بينها الديانات السامية وأديان ما بين النهرين والأديان العربية القديمة، فيما كان نظامهم الاجتماعي قائم على القبيلة والحكم العشائري، فكانت ثقافتها متأثرة بدرجة كبيرة بالعالم اليوناني الروماني، حيث أن نمطها المعماري والفني يجمع أنماطا رومانية ويونانية مع الأنماط الفنية الشرقية.

مع حلول القرن الثالث بعد الميلاد، تحولت تدمر إلى مركز إقليمي بلغ ذروة ازدهاره، في عام 260 ميلادية، حين تولت الملكة زنوبيا، التي لم ترغب بأن تبقى تدمر تحت الحكم الروماني، فثارت عليهم وطردتهم من المدينة وأسست مملكة تدمر المستقلة، وفقا لدراسة قاعدة بيانات الهندسة المعمارية الدولية، الصادر من ألمانيا عام 1999.

وظلت المدينة تعافر بين السقوط والنهوض، حتى أدت التغيرات الإقليمية في المنطقة إلى تحول سكان المدينة للدين المسيحي في القرن الرابع الميلادي، ثم للإسلام في القرن السابع، وأدت الفتوحات الإسلامية إلى حُلول اللغة العربية مكان اللغتين الرومانية واليونانية.


ثقافات مختلفة ومدينة حاضنة
وقد مر بتاريخ المدينة العريقة آراميون، ويونانيون، ورومان، وعرب. ووثنيون، ومسيحيون، ومسلمون، وتحت كل هذه الثقافات، لم تتعرض تدمر إلا لما تتعرض له المدن، من إمبراطورية إلى أخرى، تسيطر فتبني معالمها، إما من جديد أو تعيد البناء بحجارة السابقين، أو تتعرض لما تعرضت له أي مدينة من ظروف الطبيعة، كالزلازل، وعوامل الحتّ والتعرية، حتى جاء الإرهاب والخراب.


تدمر وانضمامها للائحة التراث العالمي للإنسانية
منذ عام 1980، أدرجت مدينة الشمس، المعروفة بأعمدتها المهيبة الأكثر شهرة في العالم، ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها، والملكة زنوبيا التي واجهت الإمبراطورية الرومانية، على لائحة التراث العالمي للإنسانية، من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو"، لتكون مدينة تراثية وإرث عالمي.


داعش والخراب.. وجهان لعملة واحدة
ولكن منذ عام 2011، وقعت مدينة الآثار السورية تحت طائلة التدمير ومافيات تهريب الآثار، وصولا إلى عام 2015، حين سيطر تنظيم داعش على عروس الصحراء، فكانت مأساة المدينة الأكثر علانية، من خلال تفجير آثارها، بوصفها معالم "كافرة".

بل ومرورا بالواقع المأساوية التي دوت بالعالم، بإعدام عالم الآثار خالد الأسعد، ذي الاثنين والثمانين عاماً، بقطع رأسه على الملأ، بين آثار مدينته التي كان من أفضل العارفين فيها، حتى لطالما اُعتبر الأب الروحي لها، وحارسها المتصوف، و"الحفيد الشجاع للملكة زنوبيا"، وفقا لشبكة "دويتشه فيله" الألمانية.


وعلى مدار ست سنوات، ظلت المدينة الأثرية موقعا لحرب مستمرة بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" والجيش السوري، الذي استطاع استعادة المدينة بحلول مارس 2017، بعدما شرع التنظيم الإرهابي في تخريب وهدم عدد كبير من المباني والقطع الأثرية الثمينة في تدمر، والتي لا زال تراثها الحضاري الباقي في خطر كبير.

وجهة سياحية دمرتها الحروب
وقبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، منذ منتصف مارس 2011، كانت تدمر تشكل وجهة سياحية بارزة، إذ كان يقصدها أكثر من مائة وخمسين ألف سائح سنويا، لمشاهدة آثارها التي تضم أكثر من ألف عمود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة، تعرض بعضها للنهب أخيراً، بالإضافة إلى قوس نصر وحمامات ومسرح وساحة كبرى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك